بدعوة من كاهن رعية سيدة عمشيت الخوري شربل الخوري عقد لقاءً في صالة الكنيسة بعنوان “طوبى لتلاميذ يسوع “، برعاية وحضور راعي أبرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون، المحافظ السابق انطوان سليمان، رئيسة مركز الشؤون الإجتماعية جمال شلهوب، رئيسة اتحاد الجمعيات المسيحية للشابات في لبنان غيتا جرمانوس، رئيسة اقليم جبيل في رابطة “كاريتاس لبنان” جانين حداد بولس، رئيسة مركز الصليب الأحمر اللبناني رندا كلاب، رئيس مركز جبيل الإقليمي في الدفاع المدني مخول بو يونس، الرئيس التنفيذي لجمعية المسؤولية الإجتماعية اللبنانية إيلي زيدان، رئيس جمعية مار منصور في عمشيت ناجي موسى، الناشطة الإجتماعية المرنمة ليال نعمة، ملكة جمال لبنان السابقة ندين نجيم، الإعلامي داني حداد وعدد من إعلاميي القضاء ومديري الثانويات والمدارس التي تؤوي النازحين ومهتمين.
الخوري
بداية، تراتيل دينية ووطنية للمرنمة نعمة، ألقى بعدها كاهن الرعية كلمة رحب فيها بالحاضرين، شاكرًا المطران عون على رعايته، وقال: “من أرض بلاد جبيل انطلق نوران، وغطيا على المعمورة ولا ينطفئان أبدًا، نور الأبجدية ونور قداسة مار شربل، نقول مساء الخير والبعض يسأل عن اي خير نتحدث، وكل ليلة انذار وتهديد وقتل ودمار، فالخير هو أنتم في عتمة هذه الحرب فكلنا عائلة واحدة تحمل قضية الانسان”.
أضاف: “مع البابا فرنسيس نقول لا للحرب، لأن لا أحد يربح فيها، ويسوع قال طوبى لفاعلي السلام لأنهم أبناء الله يدعون وأنا أقول لا طوبى لصانعي الحرب لأنهم أبناء إبليس يدعون، فكل إنسان مع الحرب هو مع الشيطان، ونحن كمسيحيين يستفزنا الكلام عن انتصار على الدمار والدم ولكن أيضًا هناك مسيحيون يضيعون هويتهم وهمهم ألا تقصف المناطق المسيحية فهذه ليست لغة المسيح ولا محبته التي تكون عندما أقبله ولا أغير هويتي لأنني ألبس المسيح في حياتي”.
وختم: “التاريخ يعيد نفسه إنما يغير الأسماء، التسويات آتية وستتوقف الحرب وكل واحد منا سيقول ليتها جاءت وما راح كل يلي راح، عسى ولو بعد ألف مرة أن نتعلم”.
حداد
وقال حداد في كلمته: “ليس سهلاً أن تعيش جوهر الدين المسيحي من أن تعيش جوهر أي دين آخر، وليس سهلاً أن تحب كل الناس لكي تحب أعداءك، وليس سهلاً إذا ضربك أحد على خدك الأيمن أن تدر له الأيسر، وليس سهلاً عندما تساعد ألا تعرف يدك اليسرى ما فعلته اليمنى، وليس سهلاً أن تسقي عطشانًا وتطعم جائعًا وتكسي عريانًا ولو لم يكن لا من منطقتك ولا من طائفتك ولا من رأيك السياسي، وليس سهلاً أن تتبع أحدًا لا غني ولا قوي ضرب أو صلب وتألم وحتى أقرب المقربين إليه أنكروه، وليس سهلاً أن تتبع أحد ضد السلطة، ولكن كلما اقتربنا من انسانيتنا نكون نقترب من مسيحيتنا، وكلما ابتعدنا عن انسانيتنا نكون نبتعد عن مسيحيتنا حتى ولو مارسنا الصلاة وأضأنا الشموع. فالمسيحية هي حرية وليس فرض وهي أكثر الأديان إنسانية، وهذا ما يميزها عن غيرها”.
وختم مستشهدًا بما كتبه الأديب مخايل نعيمة: “من لم يجد هيكلاً في قلبه لن يجد قلبه في أي هيكل”.
نجيم
واعتبرت نجيم في كلمتها “أن أصعب شيء في هذه الحرب التي نعيشها ألا نكون مسيحيين حقيقيين في حياتنا في مساعدة اخوتنا النازحين لأي طائفة انتموا”، مؤكدة أن أساس المسيحية هي الشجاعة قبل المحبة والإنسانية وأي شيء آخر، لأن كل مسيحي هو عسكري في جيش الله”.
وأعطت شهادة حياة كمسعفة سابقة في الصليب الأحمر اللبناني، مشيرة الى “أن الحرب ليست فقط على أرض لبنان بل هناك حرب كبيرة بين قوى الخير وقوى الشر”.
ورأت أنه “لكي نبني لبنان يجب أن تكون لدينا الشجاعة في قول كلمة الحق”، مؤكدة “أن المسيحي لم يخف منذ الفي سنة، والشجاعة أيضًا أن أقول أنني أريد إعادة بناء الوطن مع كل مكوناته”. ووجهت التحية الى الجيش اللبناني الذي “يتلقى الضربات في دفاعه عن الوطن”.
نعمة
وأشارت نعمة في كلمتها الى “أن زمن الميلاد رغم المشهد القاتم الذي نعيشه هو زمن الحياة والتجدد”، لافتةً الى “أننا بحاجة لأناس حقيقيين أحرارًا غير مكبلين، سياديين لا يوضاسيين لكي نصل الى الحقيقة التي تبني الإنسان والدولة”.
ودعت للصلاة الى الله من “أجل احلال السلام في وطننا والعالم”، مؤكدة أن “بوجود الإرادة والنيات الحسنة نستطيع النهوض والقيامة من جديد”.
وأعلنت “أن مطلبنا واحد وهو أننا نرفض أن نكون ساحة لحروب الآخرين على أرضنا، أو ساحة للصراعات الإقليمية والدولية التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل”، مشددة على “وجوب ألا يكون على أرضنا سلاح إلا سلاح الجيش اللبناني القادر على حماية الحدود”.
وسألت من “أجل من كل الدمار الذي يحصل على أرضنا”، واصفة الأزمات التي نعيشها بـ”الأزمة الإنسانية الكبيرة”.
عون
وقال المطران عون في كلمته: “عندما كنت استمع الى من سبقني من المتكلمين خطر على بالي مشهد يسوع في الإنجيل عندما كان يعرف الاستفادة من كل واقع وقد لا يشبهه إنما لكي يوصل رسالة وتعليم لتلاميذه كما عندما رأى تلاميذه يتسابقون من الاول فقال لهم في العالم الكبار والمتسلطون يسيطرون ولكن لا يكون الأمر هكذا بينكم، فالكبير يجب أن يكون لكم خادمًا، ومن يريد أن يترأس ففي الخدمة يترأس فهذا يعني أن الرب يسوع كان يقرأ الواقع ويريد أن يرفع تلاميذه من واقع منحدر الى واقع يكونوا فيه تلاميذًا له يعيشون إنسانيتهم بالحب والعطاء والأخوة”.
وأضاف: “أراد صاحب الدعوة أن يكون هذا اللقاء معكم كنور شمعة في قلب الظلمة والمشاكل التي نعيشها في قلب الحرب، والتأكيد أنه مهما علا صوت المدافع والإجرام والقتل والحقد تبقى المحبة هي التي تجمع وتبني المجتمعات”.
وأثنى على “ما تقوم به المؤسسات الإنسانية والإجتماعية في مساعدة النازحين ومدريري الثانويات والمدارس الذين استقبلوا النازحين، والإعلاميين الذين يتفانون ويخاطرون بحياتهم في نقل الخبر اليقين واستشهد البعض منهم لكي نعيش نحن الواقع الذي يسبب الألم للوطن”.
وقال: “لا ينهض الوطن إلا بتضافر كل أبنائه ونحن نجسد في لقائنا صورة ولا أجمل كيف ان كل عضو في هذا الوطن لأي جهة انتمى كنيسية مدنية روحية واجتماعية، عندما نتعاون مع بعضنا البعض نستطيع الوقوف الى جانب اخوتنا المحتاجين من دون أن نسأل الى أي طائفة أو منطقة ينتمون، لأن كل نازح موجود بيننا هو صورة يسوع الذي قال في الإنجيل “كنت جائعًا فأطعمتموني وكنت عطشانًا سقيتموني وغريبًا آويتموني”، فنحن اليوم نجسد تعاليم سيدنا يسوع المسيح في مساعدتنا لأخوتنا النازحين”.
وأردف: “هذا اللقاء يبرهن كيف أننا في قضاء جبيل وفي الأبرشية وبتعاون الجميع نواجه هذه الأزمة وكيف أن كل واحد منا شمعة مضيئة، ونؤكد من خلال وقوفنا الى جانب أخوتنا على أولوية العيش المشترك، وأنظر الى الآخر على أنه لبناني ومن واجبي الوقوف الى جانبه لمساعدته”.
وأشار الى “أن الجميع يعلم أن هذه الحرب ستننهي وستحصل تسويات وسيتوقف المدفع ولكن التحدي الأكبر أن نستطيع جمعنا التعالي عن جروحاتنا ونعلن ولاءنا للبنان كوطن نهائي لكل أبنائه، وأن نكون مواطنين لبنانيين، لبنان أولاً ونعمل من أجله”.
وأكد “للوصول الى هذا الأمر، لا بد من أن يكون هناك حوار عميق بما للكلمة من معنى وصولاً الى مصالحة عميقة وتنقية للذاكرة”.
وذكر “ان قداسة الباب القديس يوحنا بولس الثاني في الإرشاد الرسولي عام 1997 بعد سبع سنوات على توقف الحرب تحدث عن أهمية المصالحة وتنقية الذاكرة لكي نستطيع مجددًا إعادة بناء وطننا مع بعضنا البعض مقتنعون”.
وقال: “اليوم أكثر من أي وقت مضى، أنه على الرغم من المصالحات التي حصلت في لبنان على مستوى القيادات، ولكن هذه كلها لها أساس نستطيع الدخول في تنقية للذاكرة فيختبر كل لبناني ان عليه ان يعتذر من الآخر وان لم نصل الى هذه النقطة لا يمكن الوصول الى تنقية ذاكرة حقيقية، فنبقى نعيش الحرب ولا نصل الى بناء وطن على اساس الثقة والتضحية والتفاني”.
وكشف “أن مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان وسينودوس الأساقفة المطارنة الموارنة في حزيران الماضي، كان بدأ وقبل الحرب بوضع خطة للتواصل مع الجميع وإقناعهم بأهمية الحوار وأن يكون لبنان أولويتنا وأن نعمل من خلال مساعدة تقنيين للوصول الى تنقية للذاكرة ونقرر سويًا أننا نريد بناء الوطن ومؤسساته”.
وأكد “إذا لم يبن الوطن ومؤسساته لن نصل الى اي نتيجة، لذلك لقاؤنا اليوم يقوي إيماننا وتعلقنا بلبنان”. وقال: “لا نريد أن نغني لبنان فقط كما سمعنا ما أنشدته المرنمة ليال، بل علينا أن نترجم ذلك بمواقف وقناعات وأن نبقى مقتنعين أن أولادنا الذين هاجروا بحثًا عن مستقبل لهم، إن عاد الوطن الذي يحلم به كل لبناني ستعود الأغلبية منهم الى بلدهم ويستثمروا فيه ويؤسسون لأولادهم مستقبل في لبنان”.
وختم: “ليبق إيماننا بوطننا ورجاؤنا بربنا وإيمانًا قويًا لكي نتعاون جميعًا وصولا الى هذه الأهداف، آملاً أن نلتقي دائمًا في مثل هذه المناسبات”.
إضاءة شمعة
وفي الختام، تم توزيع شمعة على كل شخص من الحاضرين، لإضاءتها على نية السلام في لبنان والعالم، كما أقام كاهن الرعيّة مأدبة عشاء على شرف الحاضرين.