على الرغم من ان اصوات الغارات والقصف وما تسفره عن شهداء وضحايا تتقدم على ما سواها، الا ان ما كتبه المطران بولس مطر يوم الاثنين تحت عنوان ” انتخاب الرئيس والدخان الفاتيكاني الأبيض”، كان لافتا ولا بدّ من التوقف عنده.
فقد دعا مطران بيروت السابق الى انتخاب رئيس للجمهورية على غرار انتخاب البابا في الفاتيكان، حيث قال: “إنّنا نتمنى على المجلس النيابي عبر مبادرة توفيقيّة جامعة أن يتشبّه بمجلس الكرادلة الذي دعي لانتخاب البابا الحالي منذ سبع سنوات. فقد صدرت عن مجلس الكرادلة دعوة واحدة لانتخاب البابا وليس للقيام بأي عمل عاديّ آخر. لكن الكرادلة، على مستوى التنظيم الداخلي ومن أجل نجاح العملية الانتخابية بسيرها كما بغاياتها، رأوا لبدء هذه العملية فترة صلاة واستلهام، وبضعة أيام قليلة للتشاور في ما بينهم حول حاجات الكنيسة في الزمن الراهن وما هو مطلوب من البابا الجديد لتلبية هذه الحاجات. وبعد ذلك انتقلوا إلى دورات الاقتراع التي جرت كل يوم قبل الظهر وبعده. وبقي التشاور مرافقًا لكل ذلك وكأنّه متلازم مع الاقتراع من أجل حسن سير الأمور، إلى أن تم انتخاب البابا الجديد وعلا في سماء الفاتيكان الدخان الأبيض علامة لبدء عهد جديد.”
اذًا، المطران مطر دعا الى التشاور حول “المطلوب من الرئيس لتلبية الحاجات”، ثم الاقتراع… اي ان هذا الطرح قريب من مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري التي اعلنها في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر، ومفادها “حوار يُعقد في مجلس النواب لمدة أسبوع، للتحاور حول رئيس جديد للجمهورية، وبعد ذلك تعقد جلسات انتخاب للرئيس مفتوحة بعد الحوار، تنتهي بإنهاء الشغور الرئاسي.”
فالى اي مدى عبّر المطران مطر عن موقف الكنيسة، في وقت ناشد فيه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في ندائه اليوم الى “الأمم المتّحدة ومجلس الأمن التدخّل الفاعل لإلزام المعنيّين بإيقاف الحرب والذهاب إلى المفاوضات، ولإلزام المجلس النيابيّ بانتخاب رئيس للجمهوريّة، فالحاجة ماسّة للغاية إلى وجوده على رأس البلاد”
من جهته اعلن المحامي بول كنعان رئيس تجمّع موارنة من أجل لبنان أن الرؤية التي عبّر عنها المطران بولس مطر في مقاله في صحيفة النهار الاثنين الفائت تستحق التوقّف عندها وتلقّف مضامينها، لا سيما أن البلاد بأمس الحاجة الى رئيس للجمهورية يقود المرحلة الخطرة التي يعيشها لبنان، ويجمع اللبنانيين حول مشروع يحافظ على وحدة وطنهم وحضورهم على طاولة القرار الدولي.
ورأى كنعان أن مد جسور التواصل يبقى الاساس في هذه المرحلة، وعقد جلسة لانتخاب رئيس اولوية الأولويات، لينطلق معها عمل المؤسسات على اسس سليمة، معتبرا أن حضور كل النواب تحت قبة البرلمان ضرورة في هذه الظروف حتى لا يستمر النزف.
وردا على سؤال، شدد كنعان على ان البطريركية تدعم كل مبادرة وطنية توصل الى انتخاب رئيس للجمهورية في اسرع وقت، آسفا الى انه على رغم انهيار البلد، ما زال هناك من يقدّم المصالح الشخصية ولا توجد عنده اية حسابات وطنية.
واضاف: على كل من يقدّم الحسابات الشخصية ان يستفيق ويستمع الى كلام الكنيسة المارونية والبطريرك الماروني، مشددا على انه يجب ان تسقط المواقف الشعبوية التي تعرقل انجاز الاستحقاق، فالناس يرفضون استمرار الفراغ، وعلى المجلس النيابي ان يبادر الى القيام بمهمته الاساسية في اسرع وقت ممكن.
وهل يمكن للكنيسة المارونية ان تملأ جزءا من هذا الفراغ، اكد كنعان ان ليس طموح الكنيسة ان تحل مكان احد بل ان يكون هناك رئيس للجمهورية وحكومة ومجلس نيابي فاعلين، ودورها لا يتقدم في حال الفراغ، بل هي دائما موجودة وتدعم وتعمل من اجل كل اللبنانيين وكل لبنان بكل طوائفه، مذكرا: بكركي ليست مرجعية روحية او مارونية فقط بل هي ايضا مرجعية وطنية.
واضاف: البطريركية ترى ان هناك امكانية وطنية لانجاز الاستحقاق، وانتخاب رئيس يحظى بالزخم الوطني ولا يرتبط لا بالغرب ولا بالشرق، وتابع: في الظرف الذي نمر به راهنا من الملح انتخاب رئيس قادر على العمل ويحظى بدعم محلي ودولي ليتمكن من انقاذ البلد اجتماعيا واقتصاديا ووطنيا.
وقال: الفرصة سانحة اليوم، لان هناك عملا جديا تقوم به الكنيسة ودوائر الفاتيكان، وهما يعملان بصبر وصمت لمصلحة لبنان بعيدا من الشعبوية وليس لمصلحة فئة على اخرى.
وختم: بالتوازي هناك مناخ دولي لدعم لبنان في المرحلة المقبلة، لا سيما بعد انتهاء المعارك بدءا من انتخاب رئيس يتمتع بحاضنة وطنية ومن كل الفئات، ويحظى بدعم غربي-اوروبي وعربي – خليجي، فللبنان حصة من اي تسوية استراتيجية على صعيد المنطقة.