حاجتان تكسران ظهر اللبناني، الطبابة والتعليم. فأقساط المدارس الدولرة والمتصاعدة همّ ضروري، وتأمين الدواء والاستشفاء، المدولر بدوره، همّ أساسي بات أكثر ثقلاً عقب الانهيار المالي، وارتفاع أكلاف التأمين، وتصاعد قيمة الفواتير.
والأكيد أن أرقام موازنة وزارية الصحة تراجعت في السنوات الأخيرة، مقارنة بما قبل العام 2019 (كانت تصل الى 400 مليون دولار ولا تكفي). فازدادت أعداد غير القادرين على دخول المستشفى، وباتت عبارة “ما في دواء” تتزايد. فوزارة الصحة تقول “ما عنا”، والمريض يقول “ما في معي”.
وبين العجز والصرخة، أتت موازنة العام 2024، لترفع اعتمادات وزارة الصحة الى 240 مليون دولار للمستشفيات وتحسين أوضاع المرضى، و200 مليون دولار للدواء. الأكيد أن الحاجة أكبر، ولكن، لولا “إضاءة الشمعة” لكان الوضع أسوأ. والتعويل على البناء على ما تحقق وتحسينه في موازنة العام 2025.
قبل أيام، انعقدت لجنة المال والموازنة للمرة الثانية حول هذا الملف، لمتابعة مراقبة تنفيذ موازنة 2024 للدواء والاستشفاء. وقد طلبت من وزارتي المالية والصحة جدولاً بالانفاق الاستشفائي على الأدوية، لاسيما للأمراض السرطانية والمزمنة، من تاريخ اقرار الموازنة حتى اليوم، نظراً لأهمية توفير الدواء في الوقت المناسب، وبحسب المواصفات العلمية للمريض. (جدول مرفق). وكان جهد وزارة الصحة ولجنتي المال والصحة، خلال مناقشة الموازنة، أدى الى تأمين أدوية السرطان والأمراط المستعصية والمزمنة بعد نقل لجنة المال 10 آلاف مليار ليرة من الاحتياط لموازنة وزارة الصحة.
وبنتيجة ما وُضِعَ على طاولة لجنة المال وما وصلها من مستندات، تبيّن أنه لم يحجز من اعتماد ال 240 مليون دولار للاستشفاء وال200 مليون دولار للدواء حتى اليوم أكثر من 50 مليون دولار.
أما الايجابي، فهو بت مناقصة اعتمادات الأمراض المزمنة والمستعصية مطلع تموز الجاري (جدول مرفق)، وقد باتت لدى ديوان المحاسبة للتنفيذ، بعد مرورها بأكثر من جلسة في هيئة الشراء العام. وبنتيجة هذا المسار، من المفترض أن يبدأ المواطن بالشعور بالتحسّن، لجهة توفّر الدواء الذي تفوق قيمته ال200 دولار. في الوقت الذي ستتابع لجنة المال مع وزارة الصحة درس آليات تحسين الدفع وتوفّر الدواء.
مسألة أخرى كان يشكى منها، وهي التأخير في تحصيل الفواتير. وهذا التأخير كان يصل في الأشهر والسنوات الماضية الى سنوات. وبنتيجة البحث والنقاشات، وضعت لجنة المال آلية تسمح بدفع فواتير المستشفيات خلال أسابيع واشهر.
في موازاة ذلك، وبعد تحسين آلية ما هو متوافر، فالعين على ما هو آت. من هنا، يؤكد النائب ابراهيم كنعان أن “عنوان موازنة العام 2025 يجب أن يكون الصحة، وأولويتها الصحة، إن بالنسبة للأدوية أو لناحية الاستشفاء، في المستشفيات الحكومية والخاصة” ويضيف ردّاً على سؤال “الرقابة البرلمانية على مالية الدولة واعتمادات وزاراتها وإداراتها ومؤسساتها العامة هو في صلب عمل لجنة المال والموازنة وسنتابع هذه الرقابة على آداء الحكومة وتنفيذ الاعتمادات المالية المرصودة في الموازنة خاصة في مجال الصحة”.