في مراجعة مختصرة وسريعة لما آلت إليه أحوالنا كلبنانيين مستقلّين نحلم بدولة حديثة عادلة، دولة مؤسّسات و قانون، لا بد أن نعترف أنّنا اصبحنا مطوّقين في بلدنا حيث نعيش في سجنٍ قاتم مع جلاّد لا يَكلّ لا يُردَع ولا يَرحم.
لقد أضحى كلّ اعتمادنا كمواطنين على المبادرات الفرديّة لملء فراغ الدولة وتسيير أعمالنا اليوميّة. مجرمة هذه السلطة كيف طوّقتنا وجلدتنا ستة جلدات حتى نجحت في تيئيسنا حتى تطويعنا.
الجلدة الأولى: عندما نفّذت هذه السلطة “سرقة القرن” وسطت على أموال المودعين في أكبر عملية مخطّط بونزي (Ponzi Scheme) في التاريخ.
الجلدة الثانية: عندما تصدّت أحزاب السلطة بالترهيب و”الغزوات” لقسم كبير من اللبنانيين الذين انتفضوا في ١٧ تشرين ٢٠١٩.
الجلدة الثالثة: كانت انفجار مرفأ بيروت، الذي عرّى السلطة القاتلة بجميع أذرعها السياسيّة والأمنيّة والعسكريّة والقضائيّة، وضبطها بالجرم المشهود.
الجلدة الرابعة: عندما بنت هذه السلطة سدّاً منيعاً في وجه العدالة، من خلال تقسيم القضاء وتهديد القضاة في عقر دارهم، فجعلوا من القضاء وجهة نظر.
الجلدة الرابعة: أتت مع إعدام الحياة السياسيّة، وإفراغ المؤسّسات من خلال تعطيل إنتخاب رئيس الجمهوريّة، معطّلين مع ذلك العمل النيابيّ والحكوميّ.
الجلدة الخامسة: كانت التعدّي على حرّية التعبير من خلال استدعاء وتوقيف الناشطين لكمّ الأفواه المعارضة.
الجلدة السادسة: أتت مع عمليّة “طوفان الأقصى” من خلال فتح الجبهة الجنوبيّة لمساندة “حماس”، حتّى بات مصيرنا مربوط بحرب إقليميّة طويلة لا تبقي ولا تزر.
عندما تُجلد وتُنتهك كرامتك ويُصبح مستقبلك ومستقبل من تُحبّ يترنّح أمام أعينك بدون منافذ، فتأكّد أنّك في سجنٍ خانق. عندما تصبح الهجرة أملك الوحيد، فتأكّد أنّها غطاءً للخوف من المواجهة مع هذه السلطة المجرمة.
فهل من إرادة لديك للقول كفى؟ هل من إرادة لديك للوقوف في وجه جلاّدك للخروج من هذا السجن؟ خيار واحد أمامك فقط لا غير، العودة إلى الشارع!