17.8 C
Byblos
Friday, November 22, 2024
أبرز العناوينبالصور-البركة البطريركية لرمز من رموز "المدينة الشعبية"

بالصور-البركة البطريركية لرمز من رموز “المدينة الشعبية”

بقلم الأستاذ غانم عاصي

وقصدنا “الديمان” في زيارة حجّ مباركة اعتدناها سنويا، مغمورين بحرارة الشوق المتعانقة مع حرارة الإيمان في كَنَف ٱب اللهّاب، وبعد أن شاركنا في الذبيحة الإلهية قابسين من نور الإنجيل، ومتناولين جسد الرب ودمّه، وغارفين من عظة سيّد الصرح وعمق معانيها، وَلَجنا قاعة ذلك الصرح وحظينا بلقاء صاحب الغبطة والنيافة مار بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى، حيث إستقبلنا بحفاوةٍ ورحابةٍ توازي حفاوة ورحابة ذلك الصرح، وأغدق علينا بركته، وراح يسألنا عن أحوالنا وأحوال رعيتنا، والتي أطلق عليها يوما لقب “المدينة الشعبية”، وهكذا جئنا نبشّره وبفرح عظيم بأنها وُلدت من جديد، وعادت إلى سابق عهدها وإلى مواسم عزّها، وكما عهدها وعهدنا طيلة فترة توليته على أبرشية جبيل المارونية، وهو الذي على الرغم من إنشغالاته الكبرى،أصغى إلى همومنا، وأعارنا عناية، وأولى رعيتنا إهتماما، وبالتالي ساعدنا على النهوض من كَبْوتنا، وثم إستذكر بعض الأسماء المميّزة التي عرفها وتعاون معها في خدمة الرعية، ومنها الزميل “حنا حميل سعاده”، فتألّم لِما ٱلت إليه حالته الصحيّة، وخاصة إنتكاسته المرضية،والتي أقعدته وعرقلت خطواته الجسدية ولكنها لم تنل من معنوياته الإيمانية، وإن جعلته يشارك المخلّص درب جلجلته، وعطّلت فيه لغة الكلام، وأجّجت أحاسيسه، وألهبت عواطفه، وعمّقت نظراته، وامتحنت صبره ،ولكنها لم تفقده إنتباهه. وحالته هذه قوبلت بخدمة متفانية من زوجة وفيّة،وبإهتمام وعناية من عائلة مؤمنة ومثقّفة ومخلصة، تلك العائلة التي عَرفت كيف تقابل العطاء بالوفاء.

وكم تأثرّ سيدّنا لِما إستعرضناه ،فكلّفنا نقل تحياته الأبوية للصديق “حنا “،وبأنه سيحمله بصلاته، و قرّر أن يمنحه”بركة رسولية تقديرا لتضحياته في خدمة كنيسة سيّدة البيدر الجديدة مع اللجنة المعنية مستمطرا عليه النعم الإلهية والخيرات السماوية”.

وفعلا إن تلك البركة يستحقّها صاحب الهمّة والنشاط والحركة، لتضيء ظلمة أوجاعه، وتسرح في عالم إندفاعه وتخفّف عنه وطأة أوضاعه ،وإنها بمثابة وسام كرامة وإيمان، يتمختر على صدر أطيب إنسان، ذلك الإنسان الذي كانت “محبته بالعمل وبالحق لا بالكلام أو باللسان،

وراحت الأفكار تتزاحم في مخيلتنا، حول طريقة تسليم تلك “البركة”وبدأت الإستعدادات لقدّاس شكر يليه إحتفال تكريمي، ولكن تواضع “حنا” كان لنا بالمرصاد، وهو الذي فضّل طيلة مسيرته العمل في الظلّ وليس في الأضواء. وكنا كلما وجّهنا إليه التحيّات في أيّ إحتفال أوعشاء رعوي، يروح يُربكنا بحيائه ويُخجلنا بتواضعه، ومن هنا إرتقى إلى مصاف العظماء، عملا بقول الرب”رفع المتواضعين…وحطّ المقتدرين…”، وراح الصمت يحكي على تعابير وجهه، ويعلن تفضيله عدم إقامة إحتفال ضخم، حتى قرّرنا الإستعاضة عن ذلك بزيارة رمزية إلى منزله، وهذا ما حصل فعلا برفقة كاهن الرعية “الخوري بيار الخوري “، الذي سلّمه البركة البطريركية، والكاهن المعاون”الخوري جاد الحاج”،و”الأخت فاديا لحود” وبحضور العائلة الكريمة وإستحالت تلك الزيارة لقاء عائليا وعشاء تكريميا، ومَن ذا الذي قال:” إن النبي لا يكرّم في بلده!!”، فهاهو يكرّم ممن أعطي له مجد بلده. نعم إنه لمستحق كلّ تقدير وإكرام، وهو الذي جُعل أمينا على القليل وكان الأمين على الكثير، وجُلّ ما قام به أو عمله فلقد فعله بمصداقية وشفافية وضمير.

وحَسْبُنا فخرا أننا زاملناه ورافقناه وصادقناه وخبرناه وعجنّاه ،ولم نقف على هامش الزمان بل إنخرطنا في مشروع البنيان وإعلاء صرح الإيمان، واستهوانا السير بمعيّة أهل الخير،وما كنا أعضاء في لجنة الوقف بقدر ما كنّا خَدَمة في حقل الرب،حيث عملنا بإندفاع وحب، إذ أننا نحن معشر “الحصاراتيين الطيبّين” بِدَأَبنا وأدبنا، تجاوزنا “شك توما” و “خيانة يهوذا”و “نكران بطرس” وباشرنا، وانطلقنا باندفاع وحماس ،وضربنا الأخماس بالأخماس ،منذ الحجر الأساس حتى يوم التدشين في عيد مولد العذراء من سنة ٢٠١٦، وخلال مهرجان تاريخي رعاه وحضره صاحب الغبطة والنيافة.

وهكذا وعلى مدى عشرين عاما ،جاهدنا وكابدنا وشيّدنا وبنينا ،ولا مكان بيننا للأشخاص المتكاسلة، وما إكترثنا للأقاويل الباطلة، ولم نعتمد يوماً أسلوب المماطلة، كما أننا لم ولن نعر إهتماما للنفوس المتخاذلة،ومع الجميع أَجدنا المعاملة، وانتظرنا وننتظر من الرب وحده المكافأة أو المُساءلة. ونشعر اليوم أن تكريم هذه النخبة من الرجالات، إنما هو تكريم لنا نحن ولكل من عمل وتعاون معهم وفي شتّى المجالات.

وما كان “حنا ” ليرتاح ولا كانت سيارته أوهاتفه يرتاح، وكما كان يؤمّن لعائلته الرزق الحلال، كان يعمل على تأمين مواد الورشة، ويتابع العمّال، ودائما بشفاعة سيدة البيدر وعلى الرب الإتكّال.

وهكذا نحن اليوم أمام حكاية رجل صنديد، ترافقنا معه في البناء والتشييد، وننشد له اليوم مع “البركة” أروع نشيد، ويستريح ضميري وأنا أشهد أنه لم يطمع يوما بمال وقف، بل تبيّن أن له في ذمة الوقف عطراً من رصيد، والمهم أن له في قلوب الأوفياء أكبر رصيد. وإذ نتمنى له العمر المديد،نعيش الأجواء التي يعبق فيها أريج العطاء فيعمّ الأرجاء، كما ويرمقنا من العلياء من سبقنا إلى السماء.

- إعلان -
- إعلان -

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- إعلانات -
- إعلانات -

الأكثر قراءة

- إعلانات -
- إعلانات -
- إعلان -
- إعلان -
error: Content is protected !!