تقدّم وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم، بفكرة الاستعانة بخدمات ستارلينك Starlink التابعة لشركة سبيس إكس SpaceX الأميركية
جوزف سكاف يخاطب والدته بكلام عالي اللهجة: احزمي حقائبك وارحلي
فتحت الحرب الإسرائيلية على غزّة النقاش حول خطّة طوارئ قد تلجأ إليها الحكومة اللبنانية في حال تعرّض لبنان لضربة إسرائيلية.
وفي هذا الإطار أعدّت وزارة الاتّصالات، خطّة الطوارئ في القطاع، في حال اندلاع حرب واسعة بين لبنان والكيان الصهيونيّ، بعد أن انتشرت مخاوف من احتمال انقطاع شبكة الاتصالات والإنترنت في لبنان، جرّاء أي هجوم إسرائيلي يستهدف البنى التحتية.
ماسك يعرض وإسرائيل تمنع
وعليه تقدّم وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم، بفكرة الاستعانة بخدمات ستارلينك Starlink التابعة لشركة سبيس إكس SpaceX الأميركية، والتوجّه لبحث الموضوع في مجلس الوزراء، على أن يتمّ تركيب الأجهزة العائدة لهذه الشركة بواسطة جمعية “P Foundation” الأميركية المنشأ. وكان قد أكّد القرم في اجتماع لجنة الإعلام والاتّصال النيابية أنّ “مشروع استجرار الإنترنت عبر شبكة ستارلينك عمره سنة، وليس مرتبطاً فقط بخطّة الطوارئ الحكومية”.
وجاء طرح القرم، بعد أن قطعت إسرائيل الكهرباء، والانترنت عن قطاع غزّة، في إطار الحصار والحرب التي تشنها هناك.
وعليه، كان قد أعلن الملياردير الأميركي إيلون ماسك عن توجّهه لتوفير خدمة الإنترنت عبر نظام “ستارلينك” للأقمار الصناعية، لـ”منظّمات الإغاثة المعترف بها دولياً” في غزة المعزولة عن العالم. وهو ما حاولت إسرائيل منعه باعتراف من وزير الاتّصالات الإسرائيلي شلومو كرعي الذي أكّد إنّهم يقومون باستخدام الوسائل المتاحة لمنع ماسك من تزويد منظّمات الإغاثة في غزّة بالإنترنت.
ما هي خدمة الانترنت عبر الأقمار الاصطناعية؟
وبالعودة إلى لبنان، انقسمت الآراء بين مؤيّد ومعارض لاستجرار خدمة الانترنت عبر الأقمار الاصطناعية. حيث اعتبرت الأغلبية المعارضة أنّ هذ الخطوة هي ضرب لسيادة لبنان. فما هي خدمة الانترنت عبر الأقمار الاصطناعية؟ وما مخاطرها؟ وهل من بدائل لها؟
وفي جوابه عن هذه الأسئلة، يشرح الخبير التكنولوجي رامز القارا في حديث خاص لموقع “الصفا نيوز” أنّ “خدمة استجرار الانترنت من الأقمار الاصطناعية عبر ستارلينك هي خدمة إنترنت قائمة على الارتباط مباشرة بالأقمار الصناعية، بدل استجرار الانترنت من مؤسسة أوجيرو، أو مزودي الـISP (Internet service provider)، وقد أنشأتها شركة “سبيس إكس” التابعة لإيلون ماسك، وصمّمت لتوفير الوصول إلى الإنترنت في المناطق المحرومة التي لا يتوفر فيها نظام خدمة الإنترنت التقليدي”.
وأضاف “يتكون نظام ستارلينك من آلاف الأقمار الصناعية الموضوعة في مدار أرضي منخفض، والتي يتم ربطها ببعضها البعض لإنشاء شبكة متداخلة قادرة على توفير وصول عالي السرعة إلى الإنترنت. وتعمل الخدمة من خلال توصيل المستخدمين بالأقمار الصناعية عبر طبق هوائي يتم توصيله بجهاز التوجيه والمودم الخاصّين بالمستخدم، والتي بدورها تكون متّصلة بالإنترنت”.
ما حسنات ومخاطر هذه الخدمة؟
يجيب القارا “يمكن أن يقوم أيّ شخص بتركيب هذا الجهاز على سطح منزله أو في مكتبه ويتم التواصل مع الأقمار الاصطناعية للحصول على انترنت، بأحجام مختلفة”.
ويلفت إلى وجود عدّة بدائل عن ستارلينك، “حيث هناك عدّة شركات موزعي خدمات انترنت عبر الأقمار الاصطناعية، ولكن هذه الشركة هي الأكثر توفّرا ومصدر ثقة، وكان ماسك قد بدأ بمناقشة تقديم هذه الخدمة للدولة اللبنانية”.
ومن حسنات هذه الخطوة، يقول القارا، أنّها “لا ترتكز على بنى تحتية وبالتّالي لن تتأثّر في حال وجهت إسرائيل ضربة للبنى التحتية في لبنان”.
ومن سيئاتها، يذكر أنّه “وبسبب ضعف البنى التحتية في لبنان، فإنّ الداتا ستمرّ مباشرة عبر الأقمار الاصطناعية ولا طريقة للدولة لمراقبتها”.
وعن الآلية الأساسية لاعتماد هذه الخدمة يشرح القارا أنّه “يجب أوّلا قوننة هذه المسألة عبر إقرار قوانين تسمح باستخدام هذه الخدمة عبر الأقمار الاصطناعية، وبمجرّد إعطاء لبنان تصريح لستارلينك، يمكن للفرد التواصل مباشرة مع الشركة للحصول على الخدمة. كما بإمكان الدولة اللبنانية وضع آلية لتسهيل هذا الموضوع تسمح لطالب الخدمة بأخذ ترخيص من وزارة الاتصالات أو الداخلية، وهو ما يسمح للدولة بمعرفة من الأشخاص الذين يعتمدون هذه الخدمة”.
كما أشار إلى أنّ “هناك أكثر من 60 دولة في العالم تستخدم هذه الخدمة، ومنها أستراليا وأميركا وألمانيا وغيرها من الدول الكبرى”.
تكلفة الانترنت من ستارلينك
تختلف تكلفة Starter Kit (معدات مطلوبة لإيصال الخدمة) حسب المنطقة ويمكن أن تتراوح من 500 دولار إلى 600 دولار. ويحتاج كلّ مستخدم إلى شراء مجموعةStarter Kit ، والتي تتضمّن طبق القمر الصناعي والمودم وحامل ثلاثي القوائم.
وتكلفة خدمة الإنترنت نفسها تبدأ من 99 دولارًا شهريًا، مع رسوم إضافية بقيمة 499 دولارًا لمرّة واحدة. وتغطّي هذه الرسوم تفعيل وشحن المعدات. وهناك أيضًا رسوم إضافية للخدمات، مثل نقل البيانات وأولوية الوصول.
احذروا هواتف الثريا
على المقلب الآخر، ومع طرح وزارة الاتصالات استجرار الانترنت عبر الأقمار الاصطناعية، وجد العديد من التجّار في أزمة الحرب، فرصة للاستثمار، لتنتشر حملات التسويق لهواتف “الثريا”، على منصّات التواصل الاجتماعي، والتي تؤمّن الاتصال والأنترنت بشكل مباشر عبر الأقمار الاصطناعية، من دون الحاجة للربط مع أي شركة اتصالات محلّية.
وهي هواتف إماراتية الصنع، تابعة لشركة الثريا للاتصالات الإماراتية، تختلف أسعارها مع شريحة التشغيل وبطاقة التشريج، وتتراوح بين 200 دولار والـ 1500 دولار فيما سعر إجراء المكالمات وإرسال الرسائل، عبرها يصل إلى 3 دولارات بالدقيقة أو الرسالة النصية الواحدة. وتوفّر هذه الهواتف ميزات عديد، حيث أنّ بنية الهاتف قوية ولا تتأثّر بالمياه ومخصّصة للاستخدام في حالات الطوارئ والحروب. أمّا بطارية الهاتف فتصمد لمدة 10 ساعات متواصلة وتُبقي الجهاز بحالة التشغيل لعدة أيام قبل الحاجة لإعادة شحن البطارية بالكهرباء.
وفي هذا الإطار يقول القارا أنّ “هذه الهواتف يمكن استعمالها في لبنان، وسبق أن استعملت في سوريا في عندما تمّ قطع الانترنت. إلاّ انّ استخدام هذه الهواتف في لبنان غير قانوني ويعرّض صاحبها للمحاسبة القانونية”.
خدمة الانترنت من الأقمار الاصطناعية مرخصة في لبنان
وإلى ذلك كشفت مصادر متخصصة في قطاع الاتصالات والانترنت في حديثها لموقع “الصفا نيوز” عن “وجود شركات في لبنان مرخّصة من الدولة اللبنانية، توفّر “خدمة V sat ” وهي خدمة الانترنت من الأقمار الاصطناعية، ومنها شركة Cedarcom mobi اللبنانية، وتؤمّن الشركة الخدمة عبر استجرار الإنترنت مباشرة من دبي”.
ولفتت المصادر إلى أنّ “الطلب قد ارتفع على هذه الخدمة من قبل الشركات، خصوصا بعد اندلاع الحرب في غزّة، حيث سارعت الشركات الكبيرة إلى شراء هذه الخدمة لضمان عدم انقطاع الأنترنت في الأزمة. ليرتفع المبيع من خدمة واحدة كلّ 3 أشهر إلى 25 خدمة في الشهر الواحد”.
“ولا شكّ بأنّ تكلفة الخدمة باهظة”، تتابع المصادر، “وهي تبدأ من 4250$ بدل تركيب المعدات، و850$ في الشهر بدل توفير الخدمة. وعلى طالب الخدمة أن يدفع 3 أشهر سلف أي ّ2550$، على أن يقرر بعد 3 أشهر إذا ما كان يريد تجديد العقد أو تجميده”.
وحذّرت المصادر من “وجود العديد من الشركات غير المرخّصة التي تتاجر بهذه الخدمة بطريقة غير شرعية، ودعت الشركات أو طالبي خدمة الأنترنت من الأقمار الاصطناعية إلى التعاقد مع مؤسسات مرخّصة من قبل الدولة”.
شريحة “eSIM”
أمّا في غزة، فيلجأ بعض السكان إلى استخدام شريحة”eSIM” للعثور على حل ثابت لانقطاع التواصل. وهي عبارة عن شريحة افتراضية، تتيح الاتصال عبر الهاتف من خلال الأقمار الاصطناعية مروراً بأي شبكة اتصالات تقدم هذه الخدمة. وبعض هذه الشرائح توفر خدمة المكالمات الهاتفية وإرسال الرسائل القصيرة، وبعضها يقتصر على توفير الإنترنت. ويمكن شراء تلك الشرائح من برامج أو تطبيقات متواجدة على المتاجر الإلكترونية. وبات متعارفاً في غزة على موقع اسمه “airalo” يمكن عبره شراء “eSIM” وشحن الحزمات.
وعن هذه الشريحة يقول القارا أنّه “يمكن استخدامها في كلّ دول العالم، كما يمكن استخدامها في لبنان، إلاّ أنّ المشكلة باستخدامها تكمن في كلفتها الباهظة”.
وعليه، تبقى إمكانية استجرار خدمة الإنترنت من الأقمار الاصطناعية قابلة للتطبيق في لبنان إلّا أنّها مكلفة، وبدل أن تمضي الدولة في مفاوضاتها مع شركة ستارلينك لتوفير هذه الخدمة بأقلّ تكلفة، وبالتالي حلّ أزمة الأنترنت في لبنان، ينشغل المعنيّون بقضايا تتعلّق بالسيادة وأمن المعلومات، مع أحاديث كثيرة يتم تناقلها عن وجود من يبحثون عن حصّتهم من المشروع للموافقة عليه، كما جرت العادة في البلد مع كلّ طرح جديد. وكأنّ السيادة ليست منقوصة مع انتشار شبكات الانترنت غير الشرعية وأمن المعلومات بألف خير في ظلّ عمل مؤسسات الإنترنت غير الشرعية.