هذا هو القضاء في لبنان: قاضي التحقيق الأوّل في بيروت بالإنابة شربل أبو سمرا يماطل في تسجيل شكوى انفجار المرفأ المباشرة مع اتخاذ صفة الادعاء الشخصي المقدمة من محامي متحدون وموكليهم، بحجة أنه “لا داعي للاستعجال”، الأمر الذي اعترض عليه بشدّة المحامي الدكتور رامي علّيق في جوابه للقاضي عصر هذا اليوم 19 آب 2020 وبعد سلسلة حثيثة من المراجعات، معتبراً أن الجريمة غير عادية وتستدعي السرعة القصوى في التحقيق. نعم، لربّما ليس هناك من داعٍ للاستعجال من قبل قضاءٍ أمعن ومازال في تأمين الغطاء لكبار المرتكبين بحقّ الشعب اللبناني بأجمعه. نعم، فلا عجلة تستدعيها دماء الضحايا والمصابينوالمروّعين، إذ يبدو بنظر القضاء في لبنان بأنه لا قيمة فعلية لهم في معادلة حماية كبار الفاسدين من قبل قضاءٍ يحكم “باسم الشعب اللبناني”!
أمام هذا الواقع المهول، لم يجد محامو متحدون بدّاً من رفع المسألة وعلى وجه الاستعجال إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبّود، الملاذ الأخير بوجه تجاوزات قضاة لبنان الذين “فاتحين عحسابن” تبعاً لمرجعياتهم السياسية، فيتحولوا بذلك إلى شركاء في الجريمة بدل أن يقضوا فيها بالحقّ والعدل تبعاً لليمين التي حلفوها.
ليست هذه هي المرّة الأولى التي يثبت فيها القضاء في لبنان عجزه لا بل تواطؤه مع كبار المجرمين، ولكنّ تعويلنا يبقى ولو ضئيلاً على القلّة القليلة الباقية من قضاةٍ أحرار يليق بهم أن يحكموا باسم الشعب اللبناني وباسم المظلومين والأبرياء قبل سقوط القضاء بالكامل.