حتّى الساعة، لا تصوّر واضحاً حول معركة البلديات في قضاء النبطية. سيناريو التأجيل لا يزال وارداً على لسان الغالبية، أقلّه حتى تحسم الحكومة أمرها. ويعزو البعض السبب الى أنّ موعد انتخابات النبطية في 28 أيار، وفتح باب الترشيح يبدأ في 26 نيسان الجاري، عندها فقط سيتّضح شكل المعركة. المحافظة جاهزة لإتمام معاملات الترشيح، من إخراجات القيد والسجلّات العدلية. لا نقص في الأوراق. سرعة في الإنجاز، إذ يتطلّب إخراج القيد ثلاثة أيام فقط كما أفاد المختار محمد بيطار. الجانب الإداري حاضر. أمّا الناس، فيسودهم التململ، كأنّهم ملّوا من حالة السقوط الذي تشهدها البلديات. يريدون اختيار الأكفّاء للنهوض بها، بعد تعطيلها جرّاء التجاذبات والصراعات الحزبية الداخلية. هل يحصل التغيير المنشود وتتمّ المحاسبة في صناديق الاقتراع؟ أسئلة من الصعب التكهّن بها سلفاً، إذ لطالما سجّل الناس اعتراضاتهم ثم نكثوا بها في الصناديق. إلا إذا تكرّر سيناريو بلدتي حاروف وعربصاليم، حينها يتبدّل المشهد.
بالعودة إلى الصورة الإنتخابية، لا تزال ماكينات القوى الحزبية تعمل ببطء شديد. وتشير المعلومات إلى أنّهم لم يتبلّغوا بعد القرار الجدّي بحصول المعركة. حتى نوّاب المنطقة أكّدوا أنّ الكل يريد تأجيلها، أضف الى أنّ الكلّ مقتنع بذلك. المعوقات كثيرة تبدأ بموظّفي القطاع العام الماضين في إضرابهم، إلى اعتراض القضاة وكتّاب العدل على رسم التعهّد لديهم والبالغ 10 آلاف ليرة. في هذا السياق، يقول المختار علي شكرون: «إنّ تذليل العقبات يحتاج إلى تشريع في مجلس النوّاب، وهو أمر قد يأخذ وقتاً». ووفق شكرون، «يستعدّ المخاتير للإنتخابات، لجهة إنجاز إخراجات القيد وتوابعها، بيد أن القوى السياسية غير مستعدّة حتّى الآن، لم نلمس حركة جدّية بعد، لا أحد يتحدّث بالأمر». يُشكّل المختار مفتاحاً انتخابيّاً فعّالاً، فهو حلقة الوصل بين الناس والأحزاب، والأخيرة تترك للعائلات الخيار لاختيار مخاتيرهم، على عكس البلدية. في العادة، يتوجّه صوت الناخب نحو المختار الكفوء والخدوم. يُعدّ المختار ضابطة عدلية، كان الآمر الناهي قبل أن تسحب البلديات صلاحياته، إذ يقتصر عمله على إنجاز المعاملات والأوراق الثبوتية. لكنّ بعض المخاتير انتفضوا على الواقع، وقرّروا لعب دورهم في متابعة شؤون الناس. ويرى كلّ من شكرون وبيطار أنّ «للمختار مكانة مهمّة، على الرغم من أن 70% منهم تخلّوا عن مهامهم. ففي كل بلدة تقريباً هناك بين 4 و5 مخاتير، لا يعمل منهم «سوى مختار أو اثنين والباقي زيادة عدد» وفق شكرون، لافتاً إلى أنّ «المخترة لا تقلّ أهمية عن البلدية، غير أنّ الأحزاب قلّصت دورها، ولجأ الناس إلى القوى السياسيّة لحلّ مشاكلهم بدل المختار». وأردف: «بعض الأحزاب باتت تأتي بالرابط أو بمسؤول الشعبة ليتولّى مهمّة المختار». وتوقّع أن تكون المعركة الإختياريّة قويّة جدّاً، أسوة بالبلدية. ويجزم شكرون كما بيطار أنّ الناس هي التي لم تصدّق أنّ الإنتخابات البلدية ستحصل.
إذاً، لا تزال الحماسة مفقودة، رغم إعلان قيادتي «أمل» و»حزب الله» جهوزيتهما. القوى الإعتراضية لم تتحرّك بعد، الكلّ ينتظر ساعة الحسم، وإن بدأ بإعداد لوائح الشطب وتقسيم الناس بين مؤيّد ومعارض، من دون إغفال الخدمات من قاموس البلديات، وإحلال الكيديات الحزبية مكانها. وتشير مصادر متابعة إلى أنّ «حزب الله» قد ينسحب في بعض القرى من الإستحقاق البلدي ويُعلّق مشاركته، وهناك من يتمنّى أن تؤول البلديات للقوى المعارضة، علّها تنجح في إداراتها، وهذا تأكيد واضح على فشل الإتفاق في تحقيق الإنماء المتوازن. والأخطر حَسَبَ المصادر أن ينقلب الناس على لوائح الإتفاق، حينها ستخرج لوائح مناهضة وتكون الكلمة الفصل لهم. فهل تُسقط الأحزاب قرار الناس مجدّداً؟