23 C
Byblos
Tuesday, October 22, 2024
أبرز العناوينكيف نصدّق أن الودائع مقدّسة؟

كيف نصدّق أن الودائع مقدّسة؟

غسان حجار

في إطلالته التلفزيونية الاخيرة، أكد الرئيس نجيب ميقاتي لمحاوره أن “ودائع اللبنانيين في المصارف مقدسة”، وأن استعادتها ممكنة، بل أكيدة، ضمن برنامج محدد يتم الاعلان عنه بعد إقرار سلسلة من القوانين، وتوقيع اتفاقات خارجية.

“اسمع تفرح، جرّب تحزن”، هذا ما يقوله المثل، وينطبق تماماً على وعد رئيس حكومة تصريف الأعمال، الذي يبدو كلامه أشبه ما يكون بتصريف الوقت، قبل أن ينهي مهمته على رأس الحكومة، ويسلّم “الأمانة” لغيره ويخرج ناجياً.

يهلل اللبنانيون كلما سمعوا مسؤولاً حكومياً أو نيابياً يؤكد قدسية الودائع. وهو كلام لا يقتصر على ميقاتي بالطبع، بل إنه يشمل مجلس النواب من رئيسه الى أعضائه، ومن مجمل المسؤولين في الأحزاب الذين لا يجرؤون على مواجهة الناس بالحقيقة المُرة.

قال الرئيس ميقاتي إن استعادة الودائع مرتبطة بإقرار قوانين إصلاحية مالية. لكن رئيس الحكومة نفسه يدرك جيداً مدى التسويف الحاصل في الاتفاق على مشاريع قوانين. وهو يتابع تأخر إقرار قانون “الكابيتال كونترول” مثلاً، ثلاث سنوات، بعدما فُقد “الكابيتال” وصار وديعة على الورق ليس إلا.

ثم إن اقرار “الكابيتال كونترول” بات لزوم ما لا يلزم، إذ إنه يحجز الودائع المحجوزة أصلاً لأن ثمة استحالة لدى المودع، إن لم يكن من كبار المحظيين، لتحويل أي وديعة الى الخارج.

الأموال مودعة في مصارف باتت مفلسة. قد تملك بعض الرساميل في الخارج، بأرقام أكبر من تلك المعلن عنها، لكنها بالتأكيد غير كافية لسداد الودائع. حتى أصول المصارف وأصول أصحابها لا تكفي، والمطالبة بالسطو عليها عبثية أكثر منها إصلاحية، ولا تقدم حلولاً جذرية لمشكلة كبيرة.

هذا الكلام لا يبرئ المصارف، لكن في الوقت عينه، فإن جعل المواجهة بين المصرف والمودع لعبة سياسية وسخة، تحول دون الوجهة الصحيحة للمعركة التي يجب أن تكون مع السلطة السياسية – المالية.

فالسلطة، بكل قوامها، لم تعمد منذ ثلاث سنوات وأكثر، الى إقرار تلك القوانين الإصلاحية، أو خطة التعافي، ولم تعمد مع المصارف الى إجراء جردة حقيقية برساميل الأخيرة وموجوداتها، كما أملاك مصرف لبنان شريك الخسارة، وهدر الودائع، إضافة الى أملاك الدولة التي يمكن الإفادة منها من دون بيعها بالتأكيد.

عودة الى كلام الرئيس ميقاتي. يريدنا دولة الرئيس أن نصدق ونهلل لعبارة “الودائع مقدسة”. لكننا نسأل عن خطة حكومته لتأكيد هذا الأمر، وأي جدولة تتضمنها تلك الخطة لإعادة الودائع. رجاء الإجابة.

تقول الحكومة إن مشروعها يقضي بإعادة الوديعة ما دون المئة ألف دولار، وتجزئة تلك التي تفوق ذلك المبلغ، لكن واقع الحال وأوضاع المصارف، لا تفيد بقابلية تنفيذ هذا المشروع إلا بالوعود والآمال، وإرجاء أي حراك مقابل.

يُنقل عن احد مستشاري الرئيس ميقاتي قوله: “كنا في بداية الازمة قادرين على اعادة الودائع ألْما دون الخمسمئة الف دولار، وتراجع الرقم الى 200 الف، فـ 100 الف، وبعد سنة قد لا يكون ممكنا اعادة 10 آلاف دولار اذا استمررنا في النهج ذاته”.

وفي ظل غياب خطط التعويم، قد يصار الى اعلان افلاس المصارف، فينال كل مودع الف دولار اميركي، وتغزو الاسواق مصارف جديدة تقودها مافيات تستعد للحلول مكان المنظومة الحالية، الفاسدة طبعا.

المسار التصاعدي لأسعار “صيرفة” والمسار الانحداري لأسعار الشيكات المصرفية يؤكدان ذلك، ويكشفان الطريق الى مزيد من الانهيار لا تنفع معه وعود استعادة الودائع المجردة من أي صدقية.

المصدرالنهار
- إعلان -
- إعلان -

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- إعلانات -
- إعلانات -

الأكثر قراءة

- إعلانات -
- إعلانات -
- إعلان -
- إعلان -
error: Content is protected !!