17.5 C
Byblos
Thursday, December 12, 2024
محلياتالراعي من الديمان: الهدف الاساسي ل"الحياد" شد اواصر وحدة لبنان وتثبيت كيانه...

الراعي من الديمان: الهدف الاساسي ل”الحياد” شد اواصر وحدة لبنان وتثبيت كيانه وسيادته واستقلاله

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس الاحد في الصرح البطريركي الصيفي في الديمان، وعاونه المطرانان حنا علوان ويوسف سويف بمشاركة المطرانين بيتر كرم ومطانيوس الخوري والقيم البطريركي العام الاب جان مارون قويق والقيم البطريركي في الديمان الاب طوني الآغا والاب فادي تابت وأمين سر البطريرك الاب شربل عبيد، في حضور عدد من المؤمنين من مختلف المناطق الذين حرصوا على اتخاذ التدابير الوقائية ووضع الكمامات والتزام التباعد الآمن.

وبعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان: “روح الرب علي، مسحني وأرسلني” (لو 18:4) قال فيها: “الروح القدس، الذي ملأ بشرية يسوع، إبن الله المتجسد، جعله مسيحا نبيا وكاهنا وملكا للعهد الجديد. وأرسله كنبي ليعلن بشارة الخلاص لمنتظري تجليات الله، المعروفين “بالمساكين”، وككاهن ليحرر بنعمة الفداء أسرى الخطيئة، والمظلومين بنير العبودية وقوى الشر، ولينير بنور الحقيقة العميان الذين زاغت عقولهم عنها، وكملك ليدشن زمنا جديدا، قائما على قيم الملكوت، ومقبولا من الله (راجع لو4: 18-19)”.

أضاف: “نلتمس بصلاتنا اليوم حلول الروح القدس الذي قبلناه بالمعمودية وبمسحة الميرون التي جعلتنا مسيحيين، مشاركين في رسالة المسيح المثلثة: النبوية بقبول كلام الله والشهادة له بأعمالنا ومواقفنا والكهنوتية بالمشاركة في ذبيحة الفداء ووليمتها، وبضم ذبائح أعمالنا الصالحة وآلامنا وأفراحنا إلى ذبيحة المسيح الشخصية، والملوكية ببنيان ملكوت الله على أرضنا، وهو ملكوت السلام القائم على ركائزه الأربعة: الحقيقة والمحبة والعدالة والحرية.

وتابع: “يسعدنا أن نحتفل بهذه الليتورجيا الالهية معكم، أيها الحاضرون في كاتدرائية الكرسي البطريركي في الديمان، ومعكم، أيها المشاركون عبر وسائل الاتصال ولاسيما محطة تلي لوميار – نورسات. فأنتم في بيوتكم إما لأسباب مرضية وإما تجنبا للتجمعات بسبب وباء كورونا. الذي على ما يبدو راح يتوسع انتشاره من جديد. ولذلك نرى انه من الواجب علينا إعادة التذكير بضرورة اتخاذ التدابير الاحتياطية حماية للجميع، خصوصا في أماكن التجمعات ودور العبادة والصالات الراعوية وخلال المناسبات والاعراس والجنازات. وإنا نواصل صلاتنا الآن، كما في كل مساء، بصلاة مسبحة الوردية، التي يشاركنا فيها عشرات الألوف من المؤمنين والمؤمنات عبر الوسائل الاعلامية. نصلي على نيتين أساسيتين: الأولى، التماس نعمة الشفاء للمصابين بوباء كورونا، وإبادة هذا الفيروس المتزايد الانتشار، وعودة الحياة الطبيعية إلى الكرة الأرضية التي باتت مشلولة ومصابة بأزمة إقتصادية عالمية قاتلة. والنية الثانية التماس خلاص لبنان من الانقسامات الداخلية والفساد المستشري في الإدارات العامة، المتسببة بالأزمة الاقتصادية والمالية والمعيشية الخانقة للشعب المحروم من خبزه اليومي”.

وأردف الراعي: “روح الرب علي، مسحني وأرسلني” (لو 18:4)، نبوءة آشعيا هذه، التي ترقى إلى 700 سنة قبل المسيح (راجع أش 61: 1-2)، تحققت في شخص يسوع كما أعلن في ذاك السبت، بعد أن قرأ النبوءة جهارا في هيكل الناصرة. فلما أغلق الكتاب وأعاده إلى الخادم، وجلس، وعيون الجميع شاخصة إليه، قال: “اليوم تمت هذه الكتابة التي تليت على مسامعكم” (راجع لو4: 20-21). تنطبق هذه النبوءة على كل مؤمن ومؤمنة. لقد نلنا الروح القدس بسري المعمودية ومسحة الميرون، وصرنا شركاء المسيح في رسالته المثلثة: الكرازة بكلام الله (النبوءة)، وتقديس النفوس (الكهنوت)، وتدبير الجماعة المؤمنة ورعايتها (الملوكية).

وتتجدد فينا عطية الروح القدس بالصلاة وقبول الأسرار، ولاسيما سري التوبة والقربان. كما أن الروح القدس يعطى في الأسرار الثلاثة الباقية: مسحة المرضى والزواج والكهنوت. ويعطي الروح في كل سر من الأسرار الخلاصية السبعة نعمة خاصة به، تتعلق بحالة الشخص قابلها، لكي يعيشها بالشكل المرضي لله. أما نعمة سر الكهنوت فتعطي الكاهن والأسقف سلطانا إلهيا لممارسة الكرازة والتقديس والتدبير بشخص المسيح وباسمه.

ولا بد من القول أن الروح القدس يعطى بطرق الله الخفية لكل إنسان، لكي يعيش في مرضاة الله الخالق، بكل ما هو حق وخير وجمال، ولكي يصغي إلى صوت ضميره، الذي هو صوت الله في أعماق كل إنسان؛ ولكي يسعى إلى خلاصه الأبدي باحثا عن إرادة الخالق. إن أول كلمة إلهية في الكتب المقدسة نجدها في سفر التكوين حيث نقرأ في الفصل الأول: “في البدء خلق الله السماوات والأرض. وكانت الأرض خاوية خالية، وعلى وجه الغمر ظلام، وروح الله يرف على وجه المياه” (الآيتان 1 و 2). روح الله هو الروح القدس إياه، مصدر الحياة ومجددها في الأرض، وفي البشرية، وفي كل إنسان. إنها الحياة الطبيعية من الخالق، والحياة الإلهية الجديدة المعطاة من مخلص العالم وفادي الإنسان، يسوع المسيح”.

ولفت الراعي الى أن “الأسبوع المنصرم تميز بالمزيد من مؤيدي مشروع نظام الحياد الناشط والفاعل أكان بالكتابات العديدة والغنية في الصحف، أم بتصريحات الرسميين من الصرح البطريركي، أم بتأييدات من خارج لبنان. وبات واضحا أن الهدف الأول والأساس من نظام الحياد الناشط والفاعل بالنسبة إلى الداخل، هو شد أواصر وحدة لبنان الداخلية، وتثبيت كيانه وسيادته واستقلاله، وتعزيز الشراكة الوطنية والاستقرار والحوكمة الرشيدة، في دولة قادرة بقوة الدستور والميثاق والقانون والمؤسسات على الدفاع عن نفسها بوجه أي اعتداء. وبالنسبة إلى الخارج، الحياد هو الابتعاد عن الدخول في أحلاف وصراعات وحروب إقليمية ودولية، وبخاصة تلك التي لها تأثيرات سلبية مباشرة على الاستقرار داخل الدولة.

وصفة الحياد الناشط والفاعل هي التزام لبنان بالقضايا العامة: من سلام وعدالة وحقوق إنسان، وحوار أديان وحضارات، ودور وساطة في النزاعات الاقليمية والدولية، ولاسيما ما يختص بوحدة الدول العربية، والقضية الفلسطينية، وصد الممارسة العدائية من إسرائيل تجاه أهل فلسطين وأرضهم وحقوقهم وتجاه لبنان وأي بلد آخر.

وصفة الحياد الناشط والفاعل هي عودة لبنان إلى دوره التاريخي كجسر بين الشرق والغرب على المستوى الثقافي والاقتصادي والتجاري الذي يمليه عليه موقعه الجغرافي على ضفة المتوسط، ونظامه السياسي بمكوناته الدينية والثقافية، واقتصاده الليبرالي، وانفتاحه الديمقراطي”.

أضاف: “في إطار موضوع الحياد الناشط والفاعل، وأوضاع المدارس الخاصة التي تهدد مستوى التعليم والتربية، والحالة الاقتصادية والمالية والمعيشية الخانقة، والحاجة إلى الإسراع في إصلاحات الهيكليات والقطاعات المطلوبة من الأسرة الدولية منذ سنتين وثلاثة أشهر في مؤتمر باريس CEDRE لدعم الاقتصاد اللبناني وتعزيزه، أسعدنا بزيارة معالي وزير خارجية فرنسا السيد Jean-Yves Le Drian، يوم الخميس الفائت. وقد أعرب عن دعم فرنسا لمشروع الحياد الناشط والفاعل، وعن مساعدتها المالية للمدارس الكاثوليكية الفرنكوفونية، وعن استعدادها الدائم لمساعدة لبنان بالمبلغ الذي رصده مؤتمر سيدر شرط المباشرة بالاصلاحات. فأعربنا له عن مشاعر الشكر والامتنان. وفي المناسبة نهيب مجددا بالحكومة والمسؤولين السياسيين التعالي على الانقسامات الشخصية، والعمل معا على إنهاض لبنان بإجراء الاصلاحات بدءا بالكهرباء والمكافحة القضائية للفساد المتفشي الذي يتزايد اليوم من دون أي وخز ضمير أو خوف كجريمة فساد المواد الغذائية القاتلة للمواطنين”.

وختم الراعي: “نصلي كي يمس الله بقوة روحه القدوس الضمائر والقلوب، ليتوبوا إليه ويعملوا بروح المسؤولية للخير العام، ملتمسين من رحمة الله أن يفتقدنا بمسؤولين يعملون وفق قلبه. له المجد والتسبيح إلى الابد، آمين”.

- إعلان -
- إعلان -

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- إعلانات -
- إعلانات -

الأكثر قراءة

- إعلانات -
- إعلانات -
- إعلان -
- إعلان -
error: Content is protected !!