التقت ليال نعمة، المرشحة المستقلة على لائحة القوات اللبنانية عن المقعد الماروني في دائرة الشمال الثالثة، جمعًا كريمًا من وسط بلاد البترون في بلدة عبرين. بدأت نعمة لقاءها بكلمة من القلب قالت فيها: “أنا مرشحة مستقلة، وكلمة مستقلة تعني أنّ قناعاتي هي ملكي، وأتّخذ قراراتي بناءً على قناعاتي. وسوف أستغل وجودي بينكم لأشرح طريقة تفكيري ومنهجيتي”.
وأضافت: “المهمة الأساسية اليوم تكمن بإعادة بناء دولة انهارت. والمشاكل الأساسية التي سببت هذا الانهيار يمكن اختصارها بأربع نقاط وهي:
١- نظام سياسي أثبت فشله
٢- سيادة الدولة معدومة
٣- تضاؤل إمكانات الشعب على الاستمرار لحين ايجاد حل للوضع الراهن
٤- انعدام التنمية الاجتماعية الاقتصادية”
وفنّدت نعمة كلّ نقطة على حدى:
١- النظام السياسي
أشارت نعمة إلى أنّ “النظام السياسي في لبنان تحوّل لمولّد مشاكل وأزمات، خصوصًا أنّ الانهيار الذي نعيشه اليوم قد وضعنا في ظرف تأسيس جديد.
المطلوب أن نصارح بعضنا وألا نخاف من طرح العلّة التي نعاني منها. فشلت شراكة الطوائف بالحفاظ على الوطن. الوطن يقوم بشراكة المواطنين. الخطوة الاساسية لوطن تعددي كلبنان، هي الوصول إلى العلمنة الشاملة عن قناعة، مع الحياد الايجابي، لننتقل من حالة رعايا الطوائف إلى حالة المواطنة.
وأضافت أنه “إن لم يوافق اللبنانيين بأحجامهم الوازنة على السير بهذا الحل، عليهم إذاً الإنتقال الى حوار مصارحة ليختاروا نظام سياسي مناسب.”
وتابعت: “من الضروري أن يتصالح العقل السياسي اللبناني مع أحلامه:
التجدد بالفكر السياسي يرتكز على الفكر النقدي البناء الذي من المفترض أن يبنى على أسس الأهداف وليس على أسس العصبية الطائفية أو العائلية أو المناطقية.”
٢- سيادة الدولة
اعتبرت نعمة أنه “لا يمكن الحديث عن سيادة دولة خارج إطار وحدة السلاح والقوى المسلحة الخاضعة لإمرة الدولة وخاصة اذا كان سلاحًا منظمًا تابعًا لدولة خارجية”.
وقالت: “مؤخرًا أصبح السلاح موضع أزمة بقلب بيئته. وما حدث في الطيونة خير دليل على ذلك. لذا بتنا نسمع عن اشتباكات عنيفة في بعلبك مثلاً أو في الضاحية، وفضلًا عن أحداث غامضة كالانفجار الكبير الذي حدث الاسبوع الماضي ببعنقول قرب صيدا، والذي لم تكشف حقائقه حتى الآن وقد لا تُكشف أبداً. إذاً حقيقة السلاح خطر على البيئة الحاضنة للسلاح مثل ما هوي خطر علينا كلنا.”
وأشارت نعمة إلى أنه “من مخاطر السلاح الدور الاقليمي الذي يمثّله والذي أوصلنا لحالة من العزلة الدولية والاقليمية، لثقافة عنف وكأننا من المفترض أن نبقى في لبنان مشروع حرب.”
وتساءلت: “كيف يمكننا كمواطنين أن نتحاور مع بعضنا أو نحل مشاكلنا على نفس الطاولة خصوصًا أنّ أحد الجالسين على طاولة الحوار معنا مسلّح. إنّ حل مشكلة السلاح يجب أن يتمّ بالشراكة مع البيئة الحاضنة للسلاح، انطلاقًا من الضرر الذي بدأ يطالها كما يطال كل اللبنانيين”.
واعتبرت نعمة أنّ “معيار سيادة الدولة مقرون بالعدل، خصوصًا أنّ إنفجار بيروت خير دليل على هذا الموضوع والتغاضي وعدم المحاسبة بفساد الادارة العامة أفضل مثال”.
كما شددت نعمة على أنّ “سيادة الدولة تكون على حيّز جغرافي. إذ لا يمكن لدولة أن تكون سيّدة و “ما بتعرف” حدودها، لا مع سوريا ولا مع اسرائيل، لا بالبر ولا بالبحر. في حين أنّ كلمة “ما بتعرف” فيها لبس كبير. فلبنان هو البلد الوحيد حيث حدوده الشمالية والشرقية هي حدود طبيعية لا تقبل النقاش. أما حدوده الجنوبية فهي محددة ومؤكد عليها.
حدود اتفاقية الهدنة في العام ١٩٤٩ هي ذاتها حدود اتفاق بوليه نيوكومب في ال١٩٢٣ بينما الواقع بالبلدان المجاورة مختلف”.
وأوضحت نعمة أنّ حدود لبنان محددة بالتفصيل في الدستور. ولكن لم هذا الموضوع لا يُطبّق؟ لأنه بكل ببساطة يتم استخدامه في لعبة المراهنات السياسية والشخصية.”
واستدركت نعمة معتبرة أنّ “المريح في الموضوع هو أنّ صلاحيّة رسم الخرائط الجغرافية بلبنان هي بيد الجيش اللبناني، ونحن مقتنعون بأنه الحارس الامين على حدود لبنان، وليس من الممكن بالنسبة له وضع الحدود في خانة المساومات السياسية المعيبة”.
وأشارت نعمة إلى أن “التفريط بحقوق الدولة وبثرواتها الوطنية كالنفط والغاز يتجلّى كذلك عبر تعديل قانون النفط في لبنان الذي كان يلحظ قيام شركة للدولة وفجأة تصدر مراسيم تلغي مفاعيلها مندرجات القانون وتقوم على تأسيس عشرات الشركات الخاصة التي سوف تستلم قطاع النفط عوضًا عن الدولة وتحرم الشعب اللبناني من الارباح”.
وقالت: “يحاولون إلهاءنا بربطة الخبز وبالبنزين ولا تتم الإضاءة على المواضيع الخطرة بينما المسؤولين منشغلين بالفساد والنهب”.
٣- تضاؤل امكانات الشعب على الاستمرار لحين حل الوضع
شددت نعمة في هذه النقطة على ضرورة “إعادة الثقة خلال إدارة الفترة الإنتقالية وتوفير القدرة على الاستمرار وذلك من خلال شقّين أساسيين:
الشق الأول هو إعادة حقوق الناس المالية وذلك لإعادة الثقة المطلوبة، معتبرة أنه “ليس هناك من قانون مُنزل أو طبيعي أو وضعي يسمح بوضع اليد على حقوق الناس “هيك سلبطة”، لنعيش في نهب جماعي ونكون ضحايا جريمة جماعية.”
وأضافت: “المسؤولية واجب أن تتحملها الدولة والمصارف، كشركاء في النهب والفساد والاتفاقيات”.
وأكدت نعمة أنّ “الخطوات المطلوبة هي أولاً تحديد المسؤوليات والمحاسبة، وثانياً إنشاء هيئة مرجعية موثوقة لإدارة أصول الدولة وإدارة أملاك المصارف وأصحاب المصارف وفقًا لقانون النقد والتسليف، بهدف إعادة حقوق المودعين، مع التشديد على عدم بيع أصول الدولة مهما كان الظرف.”
واعتبرت نعمة أننا “للأسف دخلنا بحلقة مفرغة تقوم على قاعدة مال يولّد سلطة وسلطة تولّد مال. لدرجة أنّ الفساد أصبح مكوّنًا بنيويًا في النظام السياسي والاداري في القطاعين العام والخاص .”
واعتبرت أنّ “الأزمة المالية والنقدية غير المسبوقة التي نمرّ بها، يحاولون جعلها كي تكون على حساب الناس.
حاليًا الثقة بالقطاع المصرفي انتهت والتدابير الحالية ستقتل أيّ ثقة مستقبلية لأي مستثمر أجنبي أو محلي قد يفكر بالاستثمار في لبنان. فالمصارف تتحمل مسؤوليتها وفقًا لقانون النقد والتسليف”.
وتابعت نعمة أننا “إذا تمكنّا من بناء دولة فعلية يجب أن تلجأ لخطوات ثابتة كي لا تخسر ممتلكاتها وميزاتها الاستثمارية كتأجير بعض المرافق لفترة معينة وإعادة تكوين الرصيد الواجب تسديده من قبل الدولة”، مشددة على أنّ “رعاة الفساد والانهيار لا يستطيعون أن يكونوا رعاة الاصلاح وإعادة البناء” .
وتابعت: “الشق التاني هو العمل على حماية ودعم القطاعات التي تساعد الشعب اللبناني تحافظ على الحد الأدنى من صورة وكرامة لبنان”. وأوضحت: “أتحدث في هذا السياق عن موقعي كأم، فالعقبتان الأساسيتان الّلتان نواجههما اليوم هما الطبابة والتعليم. إذ من الواجب دعم وحماية الطبابة الرسمية وإعادة مستوى الخدمات لمستوى مقبول، قبل كل شي .” وتابعت نعمة في كلمتها: “كان التعليم ميزة لبنان وصورته الجميلة. التعليم الخاص أبدع ولمع، والتعليم الرسمي تمكّن من إظهار قدرته، لكنّه على حافة الانهيار بعد إدخال كمّ هائل من موظفين ومعلمين غير كفوئين .”
ورأت أنّ “المدرسة الرسمية الجيدة وذات المستوى المقبول المنتشرة بالقرى والبلدات والمدن هي من أساسات الانماء المتوازن الوارد بالدستور”، مشددة على ضرورة حماية “الجامعة اللبنانية عبر تحرير وظائفها وإعادة تكوين مجلسها وكل هيئاتها الاكاديمية والادارية وتسوية أوضاع موظفيها ومعلميها”.
وأوضحت أنّ “دعم قطاعي التعليم والطبابة هو دعم لكل الشعب اللبناني. وحين نتكلّم عن الطبابة فلا يمكننا إلا وأن نعرّج على موضوع مهم وهو الضمان الاجتماعي وضمان الشيخوخة”.
٤- انعدام التنمية الاجتماعية الاقتصادية
شددت نعمة في هذه النقطة على أن “التنمية المحلية هي واجب دستوري إنطلاقًا من اللامركزية والانماء المتوازن. إذ لا يجب علينا تصديق لائحة مشاريع تتكرر والحرمان ما زال مستمرّاً، خصوصاً أنّ بعض المشاريع المُنفّذة باتت تترجم مقولة “ع حجة العلّيقة شربت الوردة “وليس العكس”.
واعتبرت أنّ “الانماء هو تخطيط قبل أن يكون مشروعًا . كلّ ما أنجز حتى اليوم لم يمنع الناس من الهجرة لأن المشاريع لم تتمّ صياغتها بهدف تنموي واضح”.
وأضافت نعمة أنّ “التنمية الحقيقية تحرر الناس من الحاجة خصوصًا أنّ هدفها يكمن بنقل الواقع الاقتصادي الاجتماعي من حالة لحالة أفضل”.
وأسفت نعمة إذ “لم نبنِ اقتصاداً أو بنية تحنية فعلية. المجتمع المحلي هو خير من يدرك حاجاته ورغباته كي يحدد أهدافه على المستوى الاقتصادي والاجتماعي (زراعة، صناعة، تجارة، سياحة) بمعونة خبرات مختصة وتضحي المشاريع الملحوظة تصب بإطار تحقيق هالأهداف.”
ورأت نعمة أنّ “وضع البيئة اللبنانية اليوم صار خطيراً ولا يحتمل المغامرات. كما أنّ معظم المشاريع التي صحّت والتي لم تصحّ، كان لها أضرار وانعكست سلبيًّا على بيئة لبنان وعلى “رأسماله الطبيعي”.
وأشارت إلى أننا “في بلاد البترون نلنا نصيبنا الكبير من هذا التدهور من الساحل الى الجرد .”
وأنهت نعمة كلمتها بتساؤلات عدة طرحتها: “كيف يمكن لمن حوّلوا النظام التوافقي لمشاريع محاصصة أن يشكّلوا نظامًا جديداً؟
كيف يمكننا تسليم بلادنا لمسؤولين يقدّمون سيادة الدولة رهينة لحزب مسلح قراره كسلاحه يؤخذ من خارج لبنان؟
كيف بمكننا أن نقبل استمرار مسؤولين كانوا شركاء المصارف بعملية سرقة حقوق الناس.
وختمت: “من الضروري طرح هذه التساؤلات حين نكون خلف الستارة وألا نضحي بقناعاتنا تحت أي شعار أو حجة”.
وراح الحضور يطرح الأسئلة على نعمة في حلقة حوار ونقاش تملؤها الإيجابية. شددت نعمة فيها على ضرورة احترام الإنسان قبل معاينة طائفته أو انتمائه الحزبي، مشددة على ضرورة “حماية لبنان من كلّ شخص يريد إيذاءه”. وأوضحت أنها “مرشحة مستقلّة على لائحة “القوات اللبنانية” فهي غير منتسبة حزبيًّا والقوات تقبلت باستقلالها بكل طيبة خاطر وتفهّم وانفتاح”، لافتة الى أنها وحزب “القوات اللبنانية” يلتقيان بأمور أساسية عدة كالحفاظ على سيادة لبنان وحريّته واستقلاله.
ورداً على سؤال حول الحقيبة الوزارية التي قد تتولّاها أجابت نعمة بأنها حقيبة وزارة الثقافة.
وأنهت نعمة اللقاء بترنيمة “بيتي أنا بيتك” بناء على طلب الحضور الذي أثنى على أدائها وصوتها وحضورها.