جميل ما قاله جبران باسيل وأكثر في مؤتمر إطلاق مشروع وثيقة “لبنان المدني”، والأجمل تلك الشاشة العملاقة خلف عملاق ورائعة فكرة إيلاء المحامية بشرى الخليل، إبنة صور، مهمة تلاوة الوثيقة والأروع تقديم الزميلة ماغي فرح.
ومقدّر تطعيم الصف الأول في المؤتمر الفكري بالبروفسورعدنان السيد حسين المعروف بالوزير الملك، والأصح الوزير البيدق المصفوف إلى جانب الدكتور عصام نعمان، ومقدّر أكثر وجود المرشح الدائم للرئاسة الثالثة الوزير محمد الصفدي في مؤتمر جبران.
“الدولة المدنية”، “المواطنة”، “العلمانية”، “القانون الموحد للأحوال الشخصية”،”مجلس الشيوخ”، “إنتخاب الرئيس من الشعب”، “اللامركزية الموسّعة”، عناوين مجترّة منذ عهد المغفور له هنري غورو إلى يومنا هذا. وحبذا لو تصبح حقيقة على عهد ولي العهد، الرجل الأكثر شعبية في تاريخ لبنان الحديث.
صادق جداً جبران باسيل في طرحه وعناوينه الأبعد ما تكون عن الشعارات. لكن على باسيليوس الكلي العظمة البدء من مكان ما. فليذهب فوراً إلى المرشد الأعلى للجمهورية، وبين حزب المرشد والتيار تفاهم أقوى من الزواج الماروني، على الرغم من كل المطبّات التي واجهها الزوجان في 16 سنة. فليناقش مع حليفه بنود مشروعه الذي يحاكي تطلعات الحراك المدني وأحلام الشباب والثوّار على تنوّع مشاربهم. مجرّد أن يوافق “حزب الله” على مشروع دولة جبران المدنية فذلك يقود حكماً إلى تغيير اسم الحزب الإيراني المنشأ، وترك الله في حاله، وتسليم الحزب بمرجعية الدولة في كل شأن وبعلمانيتها التي تحاكي علمانية الدنمارك.
صادق باسيل، في طرح “عناوينه” الإصلاحية. صادق النبرة والتوجّه. لكنه أغفل أمرين، أو سقطا من عناوينه سهواً، ففي مسألة “إقرار قانون انتخابات نيابية على أساس النسبية في الدوائر الموسعة” نسي اشتراط إبقاء الصوت التفضيلي على أساس القضاء، كي يضمن وصوله إلى المجلس النيابي متأبطاً المشروع المدني أو متأبطاً شرّاً.
كذلك نسي مسألة التصنيع العسكري للمسيّرات ورؤوس الصواريخ الذكية. هل يدخل “حسّان”، كما أخواته، ضمن أصول الدولة المدنية المركزية أو تكون ضمن اللامركزية الإدارية والصاروخية الموسّعة؟
مسألتان بسيطتان، قد يستلحقهما جبران لاحقاً.
في المحصلة، ما لم يتحقق مع رئيس جمهورية قوي في خمسة أعوام وخمسة أشهر، ومعه قوة ضاربة من وزراء “التيّار الوطني الحر” ووكلائهم، وبوجود كتلة لبنان القوي العابرة للطوائف، كيف له أن يتحقق غداً مع الوجوه نفسها تقريباً؟
وهل يتحقق المشروع بصياغة تحالفات إنتخابية على أساس الوثيقة المعلنة في الربوة بما معناه “اللي بيشبهنا يتحالف معنا”، أو باعتماد سياسة تسوّل المقاعد المسيحية في المناطق الواقعة تحت تأثير “الثنائي الشيعي الوطني ليمتد؟”.
حكي باسيل صادق. لكن الأفعال أمرٌ مختلف تماماً.