28.6 C
Byblos
Friday, September 20, 2024
أبرز العناوينمنذ ١٧ تشرين حتى لحظة إعلان النتائج

منذ ١٧ تشرين حتى لحظة إعلان النتائج

الدكتور المهندس جوزيف رحمة

عاشت الأكثرية الصامتة في بلادنا عقوداً وعقود تفتّش عن أمل التغيير، ولاقتها في الحلم ذاته الأكثرية الثائرة في دول الإغتراب كما وعدد كبير من الذين اختاروا مؤخّراً الوطن والمنطق على حساب التبعيّة الحزبيّة العمياء، فجمعوا معاً في حَدَث تشرين أكثرية عدديّة منطقية تؤمن بقيامة البلاد خارج الإصطفافات الحزبية والزعامات الألوهية والأحجام الوهميّة.

شكّل هذا الحدث بداية المعركة. معركة بين خصمَين وفريقَين وجمهورَين وخطّتَين، ولاعبين كُثر.

وإذا أردنا التدقيق في خبرات الفريقَين، نستنتج أنّ الفريق الأوّل، فريق التملّك والتهويل، قد قسّم الكفاءات والمواقع بين لاعبيه على أسس ومبادئ مدروسة. فمنهم من يتقن فنّ الإرهاب ويلعب في الصفوف الأماميّة. وآخرون يتميّزون بموهبة الفساد والنّهب ويتمترسون في الصف الثاني. وعلى الجناحَين نرى لاعبي المحاصصة والإستنسابية من طرف، ولاعبي الإرتهان للخارج في الطرف الآخر. والباقون فَهُم على مقاعد التبديل كخبراء في قلّة الكفاءة.

أمّا الفريق الثاني، فريق التغيير والتجديد، يتألف من مجموعات صغيرة، مجموعات تتضمّن جبهات ثوريّة وجمعياتٍ مدنيّة وأحزابٍ غير تقليديّة وشخصيات مستقلّة. من هؤلاء اللاعبين من يُعرف بثوار الفِكر، هؤلاء الحكماء الذين يتقنون العمل الاستراتيجي والخطط العلميّة والحنكة السياسية. ومنهم أيضاً من يُعرف بثوار الفِعل، هؤلاء الذين يتميّزون بالتجييش المناطقي وإيصال الرسائل المباشرة. كما وللأسف، هناك على الجناحَين من يتمتّعون بموهبة الأنانيّة ويعملون جاهدين على اصطياد الفِرص على حساب المصلحة الوطنيّة. أما القليل المتبقي من لاعبي هذا الفريق، فَهُم على مقاعد التبديل كخبراء في ادعاء المعرفة.

أحبائي في فريق التغيير والتجديد، نحن على موعد مع خَوض الجولة الأولى من هذه المعركة الطويلة الأمد، وهنا بيت القصيد.

لا انتصارات حقيقية في هذا الإستحقاق الإنتخابي دون رسم خارطة طريق واضحة وواقعيّة. فبَين منطوقٍ لم يُقصَد، ومقصودٍ لم يُنطَق، ضاع الكثير من منطق التغيير وكَثُر تقاذف كرات النار على المنابر وفي الأزقة وعلى طاولات الإجتماع. وبينما يزيد اتساع الهوة بين لاعبي هذا الفريق العزيز، نرى أنّ بعض الأفراد والمجموعات الصغيرة تتسابق للإعلان عن أسماء وكلائها على رأس قوائم الإنتخابات في كبريات المدن، وتنخرط في حملة انتخابية ضعيفة وحيدة سابقة لأوانها، لا تحظى بأيّ شرعيّة من الأقطاب المناضلة التي ستشكّل موجة التغيير.

أيها الشرفاء. لأن لا يبقى صراخ اللبنانيين يتيم، البداية لا خيار فيها، علينا بجَمع الصفوف في صفٍ واحد داخل مدرسة وطنية واحدة، حاملين برنامج سياسي واحد ورؤية مستقبليّة واحدة، ومتّفقين على لوائح كاملة موحّدة في كافّة الدوائر الإنتخابية.

وهكذا تتشكّل موجة تغيير عريضة من الساحل إلى الجرود ومن القبّة حتى الناقورة. موجة ترشيح ١٢٨ شخصيّة كفوءة، لا أكثر ولا أقل، يمثّلون الأكثرية الساحقة في فريق التغيير. في هذه الحالة يكون الصوت الإنتخابي أقوى من صوت المدافع وجوارير الفساد.

أمّا بما يخصّني شخصيّاً، ولكلّ من سأل وتساءل في الفترة الأخيرة عن طموحي وهدفي وغايتي من الإستحقاق الإنتخابي القادم. أعترف أولاً بأنني أدين بكل ما حقّقته حتى اليوم لله، وللذين قدّروا ويقدّرون كفاءتي، وللذين يراقبون خطواتي ويحثّونني على المتابعة. وإنني أؤمن بأن الأشياء التي تعلّمتها في بيتٍ صغير وعائلة متواضعة هي التي ستساعدني دائماً على تأمين الرؤية الواضحة وأخذ القرار المناسب.

لقد تعهّدت سابقاً أن أسخّر كفاءتي وخبراتي لصالح القطاع العام والرأي العام اللبناني، وما زلت على هذا العهد، وسأبقى. لذلك، وبما يخصّ احتمال ترشّحي للإنتخابات النيابية المقبلة، أنا أشكر وأقدّر كلّ جبهة وشخصية ومجموعة وائتلاف عرض ويعرض اسمي وآمن ويؤمن بأهميّة ترشّحي وخوضي لهذه المعركة. ولكن، مع محبتي وامتناتي، أنا لست بمرشّح لخَوض هذه الإنتخابات حتى الآن. فالإتفاق بين معظم أقطاب التغيير ضرورة وأولويّة قبل كل شيء، وتشكيل لوائح وطنيّة واحدة موحّدة ضرورة أكبر. بعدها نكون جميعاً أمام الواجب الوطني لخَوض هذه المعركة أو دعم من يخوضها.

هذا رأيي وهذه قناعتي، وأؤمن أنها الطريقة الوحيدة لِكثب ثقة المواطن، وإلا سنكون أمام بعض عشرات الأصوات لهذه اللائحة المدنيّة أو تلك، وسنرى لوائح المنظومة الحاكمة تحصد الآلاف وأكثر.

نحن اليوم أمام استحقاق وطني، نأمل ألا تأتي رياحه بما تشتهيه سفن لاعبي التملّك والتهويل، وألا يكون هناك من يشفع لهم أمام الإنهيار الحتمي دون أن تنفعهم محمياتهم مهما اشتدّ العصب الطائفي.

أيها الأحرار، نعَم، ديمقراطيتنا في مرحلة إزهارها على أمل أن تبشّرنا بالخير. ولكن لِتَثمر وتنضج وتلذ، لا بدّ من رعايتها ودعمها بالفكر القيّم والتطوير المدروس، والإستفادة من ما وصل إليه أداء الآخرين.

علينا إمّا إقناع هذه الأكثريّة المستسلمة لواقع البلاد والتي لم تثق حتى اليوم بأي جهّة بديلة، وإمّا الخجل والحياء أمام هذا الوطن العزيز الذي لم نستحقّه يوماً.

- إعلان -
- إعلان -

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- إعلانات -
- إعلانات -

الأكثر قراءة

- إعلانات -
- إعلانات -
- إعلان -
- إعلان -
error: Content is protected !!