17.8 C
Byblos
Friday, November 22, 2024
منوعاتنبيل قسطه: "أزمة التعليم كبيرة جداً"

نبيل قسطه: “أزمة التعليم كبيرة جداً”

كتب نبيل قسطه ، أمين عام المدارس الانجيلية: “أزمة التعليم كبيرةٌ جدّاً ومُعقّدة ويصعب فصلها عن سائر أزمات البلد بهدف معالجتها بمعزل عن سواها. ولكن، وبما أنّ الوقوفَ مكتوفي الأيدي ورميَ المشكلة في ملعب الآخرين أمران غير مسموحٍ بهما بالنسبة لكلّ معنيٍّ بالتربية، فقد توصّل أهل التربية في لبنان من رسميّين ونقابيّين ومعلّمين ومالكي مدارس إلى إصدار بيانٍ عبر النقابة بات معروفاً من الجميع.”

وتابع، “وانطلاقاً منه، أُوجّه تحيّة تقديرٍ لمن ناقش وساهم في إيجادِ حلٍّ يؤمّن عودة المعلّمين “المشروطة” إلى الصفوف. هذه المبادرة شكّلَت نافذةً محدودة نحو حلٍّ مرجوٍّ. ولمّا كان قرار العودة نابعاً من أنّ التلميذ هو خطٌّ أحمرُ، فإنّي أُسارع لاعتبار المعلمِّ خطّاً أحمر هو أيضاً. هو ليس خطّاً أخضر ومُباحاً. فأنا مُنحازٌ إلى المعلّم ومصلحته بقدر انحيازي إلى المتعلّم وفائدته. فلا مساومة لا على مستقبل التلميذ ولا على كرامة المعلّم. وأراني اليوم أقفُ على معادلةٍ قوامها الأهل وإدارات المدارس في القطاع الخاص، ووزارة التربية في القطاع العام. فإذا كان المعلّم على استعداد لتحمّل مسؤوليّاته ضمن عودةٍ ولو مشروطة، لكنّها تعكس إيجابيّةً منه في ظلٍّ ضائقةٍ فاقت قدرته على التحمّل، فإنّ الأهل والإدارات مدعوّون أيضاً إلى النهوض بمسؤوليّاتهم على وجه السرعة تأميناً لأبرز شروط بيان العودة. نعم هي عودةٌ جادّة لا تسويف فيها، ولا وعداً ووعيداً، كما لا تسمح بتبادل التّهمِ هرباً من الواقع والحقيقة. وعليه، حريٌّ بالأهل، وعلى الرغم من قساوة الظرف على معظمهم أن يُدركوا أنّ جزءاً كبيراً من الحلِّ السريع هو في يدهم. فالمصدر الأساس في تمويل التعليم والذي ارتكزت عليه المدرسة الخاصّة غير المجّانيّة منذ نشأتها إلى اليوم، كان الأهل ولا يزال. وأغلب الظنِّ أن غالبيّة الأهل في غالبيّة المدارس الخاصّة تعي هذا الأمر. وعليه، فهي مدعوّةٌ إلى ملاقاة إدارة المدرسة والعمل على كسر ولو جدارٍ واحدٍ من جدران الحصار، بهدف إيجاد حلٍّ ولو آني بالتكافل والتضامن وبالتعاون مع مصادر تمويليّة أخرى، كأن تستبدل مثلاً بعض الجمعيّات غير الحكوميّة المساعدات العينيّة لعددٍ هائلٍ من العائلات بمساعداتٍ ماليّة تُدفعُ مباشرةً إلى إدارات المدارس تسديداً لأقساط عددٍ من التلامذة ذوي الحاجة ومن المتخلّفين عن سداد أيّة مبالغ حتّى تاريخه تماماً كما فعلت وتفعل بعض السفارات الأجنبيّة، أو أن تقوم روابط الأهل وإدارات المدارس بحملاتٍ لجمع الهبات، أو كأن يبادر الأهالي المقتدرون إلى تبنّي تعليم مجموعاتٍ من التلامذة غير المقتدرين.”

وأضاف، “كلُّ هذه المقترحات تشكّل حلولاً آنيّة ولو جزئيّة لأنّ عامل الفقر لا يرحم. فأولى الأولويّات هي تأمين بدلات نقلٍ كافية كي يتمكّن المعلّم من الوصول إلى مدرسته طيلة أيّام العمل، وتوفير مبلغٍ شهريٍّ إضافي لكلّ معلّم لتغطية جانبٍ من معيشته التي باتت بحكم المتقشّفة جدّاً.”

واردف، “إنّ هذين العاملَين أي تعويض بدلات النقل والدُفعة الإضافيّة كفيلان بإعادة تعزيز الثقة بين الشركاء الثلاثة أي الإدارة والأهل والمعلّم، وكفيلان أيضاً بجعل المعلّمين المُمانعين للعودة يتراجعون عن مواقفهم المتصلّبة بحقٍّ طبعاً ومزاولة نشاطهم التعليمي بموازاة استكمال النضال حتى تحقيق كلّ المطالب.”

وتابع، “نعم هو نداء استغاثة إلى الأهل وإلى إدارات المدارس لتوفير الحدِّ الأدنى من الشروط المُحقّة. المدرسة الخاصّة المسؤولة عن تعليم نحوٍ من سبعين في المئة من تلاميذ لبنان، مهدَّدةٌ بالغرق، لا بل بدأت تغرق. علينا وحدنا تقع مسؤوليّة الإنقاذ. المحزن في المقابل أن ترى الدولة في مكانٍ آخر، ووزارة التربية تتخبّط عاجزةً عن حلِّ مشكلة ثلاثين في المئة من معلّمي لبنان.”

هذا للـ “الآن” ولِلْـ “هنا”. لكن يبقى أن نفكّر معاً بحلولٍ أكثر جذريّةً للسنة المقبلة في ظلِّ خطرٍ كبيرٍ يتهدّدُ استمرار قسمٍ منها. وأعتقد أنّ المدارس مدعوّةٌ لإعادة إحياء مشروع تجميع المدارس إذْ لا يمكنها تكرار تجربة هذا العام. في المقابل فإنّ أولياء أهلٍ كثيرين مدعوّون إلى التفتيش لأولادهم عن مدارس خاصّة أقلّ كلفةٍ أو رسميّةٍ تتوافق مع مداخيلهم. فلا يجوز أن يختار أحدُهم لأولاده مدرسةً لا تتلاءم كلفة التعليم فيها مع ميزانيّته. وهذا يعني في ما يعنيه أنّ المدارس مدعوّةٌ لتقديم ميزانيّات حقيقيّة ليست على شكل أمنيات، تتضمّن تسديد مبلغٍ ولو محدودٍ من القسط بالدولار الأميركي لضمان قدرتها على تسديد مصاريفها التشغيليّة من جهة، وإكرام المعلّم ولو بشكلٍ محدودٍ جدّاً وَقفاً لحركة الهجرة غير المسبوقة للمعلّمين إلى دولٍ عربيّة.

وختم، “كما يتحتّم على رئيسات ورؤساء المدارس الخاصّة البحث عن مصادر تمويلٍ خارجيٍّ أقلّه على امتداد السنوات الخمس المقبلة. وحريٌّ بهم البدء بثقافة جمع التبرّعات بطريقةٍ شفّافة ومدروسة، فلا تستطيع المدارس بعد اليوم أن تبقى بعيدةً عن ثقافة الـ Fundraising. كلُّ ذلك من أجل تأمين تعليمٍ أفضل لأولادنا، تعليمٍ يستحقّونه ويعوّضهم كلّ فاقدٍ تعلّمي. اليوم أيضاً المدرسة الخاصّة لا تمدُّ يدها إلى الدولة لتسعفها. لا يستطيع فاشلٌ أن يُنقذ غارقاً. وبانتظار خطّةٍ تربويّة متكاملة تنبثق عن “مجلس حوكمةٍ”، هلمّوا نرجع إلى مدارسنا، ومن صروحها نُعلي الصوت متسلّحين بضمير مرتاح حيال أولادنا. هلمّوا نوازي عودتنا بعودة مجلس الوزراء إلى الانعقاد، وأغلب الظن أنّه سيُقِرُّ بدلات النقل، وأغلب الظن أنّه سيسيِّل الثلاثماية وخمسين ملياراً الموعودة لمعلّمي المدارس الخاصّة والتي من شأنها الإسهام بتفكيك عقدٍ كثيرة من أجل صالح الجميع.  هلموّا نعود.”

- إعلان -
- إعلان -

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- إعلانات -
- إعلانات -

الأكثر قراءة

- إعلانات -
- إعلانات -
- إعلان -
- إعلان -
error: Content is protected !!