تعبّر مصادر أمنيّة لبنانية وعربية في بيروت عن مخاوفها الكبيرة من حالة الفوضى العارمة التي تسود المشهد السياسي في لبنان والمنطقة في هذه المرحلة، وتبدي تخوّفها من حصول تطوّرات غير عادية خلال الأسابيع المقبلة قد يكون لها انعكاسات خطيرة على الأوضاع في لبنان وخريطة المشهد السياسي.
وتشير المصادر إلى أنّ لبنان يعيش حالياً حالة من الفوضى السياسية والدستورية والقضائية والاقتصادية والماليّة والإعلامية لم يشهدها منذ فترة طويلة، وأنّ هذه الفوضى تترك آثارها المباشرة على الأوضاع الأمنيّة في كلّ المناطق اللبنانية، واضعةً البلاد على كفّ عفريت، وأنّه على الرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والأجهزة الأمنيّة لضبط الأوضاع ومنع تدهورها فإنّ ذلك لا يعني أنّ الأمور تحت السيطرة كليّاً، بل إنّ الأسابيع المقبلة قد تشهد المزيد من تدهور الأوضاع ما لم تعالَج الأزمة السياسية ويعود مجلس الوزراء إلى الانعقاد وتخفّ السجالات السياسية والإعلامية.
وتوضح المصادر أنّ “لبنان يعيش اليوم على فالق زلزاليّ خطير بسبب الصراعات الداخلية والخارجية، وعدم وضوح الصورة إقليمياً ودولياً، ونظراً للاستعدادات المستمرّة لإجراء الانتخابات النيابية المقبلة وفتح البازار حول الانتخابات الرئاسية، وهذا ما يضع البلد أمام مرحلة خطيرة بدأنا نشهد تداعياتها في الأيام السابقة، وقد تتعزّز المخاوف في المرحلة المقبلة، الأمر الذي يتطلّب الكثير من الوعي والحذر والانتباه”.
وتكشف هذه المصادر أنّ “في لبنان اليوم حضوراً كبيراً للعديد من الأجهزة المخابراتية الإقليمية والدولية التي تتحرّك عبر سفاراتها الضخمة أو من خلال شبكة العملاء او عبر جهات ومؤسسات لبنانية ناشطة في مختلف المجالات”، وأنّ “هذا الحضور يجعل البلد مكشوفاً أمنيّاً، وخصوصاً في ظلّ الأزمة الماليّة التي تعانيها المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنيّة”.
وتشير هذه المصادر إلى أنّه “خلال الأشهر المقبلة، منذ الآن حتى الانتخابات النيابية، قد نشهد تطوّرات سياسية وأمنيّة غير تقليدية قد تغيِّر خريطة الواقع السياسي الداخلي”، وأنّ “هناك رهاناً كبيراً على عودة بعض الدول العربية للعب دور مؤثّر في المشهد الداخلي من أجل إيجاد توازن مع الأدوار التي تقوم بها قوى إقليمية ودولية في لبنان والمنطقة”، وأنّ “التطوّرات التي قد تحصل في سوريا وفلسطين وعلى صعيد المفاوضات النووية في فيينا سيكون لها تأثير كبير على الواقع اللبناني”، لافتةً إلى أنّ “هناك سباقاً كبيراً بين الجهود التي تُبذل من أجل حماية الاستقرار في لبنان ومنع التفجير، وبين سعي بعض الأطراف الداخلية والخارجية إلى تفجير الوضع الداخلي، وكلّ ذلك يستدعي ضرورة الانتباه وأخذ الحيطة، خصوصاً من حصول اغتيالات وتفجيرات أمنيّة متنقّلة في بعض المناطق”.
تغيير النظام السياسي؟
وتدعو هذه المصادر القيادات السياسية والحزبية اللبنانية إلى “تخفيف التصعيد السياسي والإعلامي الداخلي وعدم الانجرار وراء خطابات التصعيد لأنّ ذلك سيؤدّي إلى توتير الأجواء الشعبية وتهيئة الساحة الداخلية لنشوء توتّرات أمنيّة كما حصل في منطقة الطيّونة وخلدة ومناطق لبنانية أخرى”، معتبرةً أنّ “استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والماليّة والمعيشية والاجتماعية سيجعل البلد أكثر قابليّة للتوتّرات الأمنيّة والأعمال العنفيّة، سواء لأسباب اجتماعية أو سياسية أو بسبب السماح بعودة تسلّل المجموعات الإرهابية إلى الساحة اللبنانية”.
وفي ضوء هذه المعطيات تتوقّع هذه المصادر “حصول تطوّرات غير تقليدية في المرحلة المقبلة قد تهيِّء لبنان إمّا لانعقاد مؤتمر حوار وطني برعاية إقليمية ودولية وإعادة البحث في النظام السياسي تمهيداً لقيام دولة مدنية كاملة انطلاقاً من اتفاق الطائف والدستور الحالي، أو البحث عن صيغ جديدة للبنان تساعد في إعادة الاستقرار السياسي والأمني، وتجعل لبنان قادراً على استقبال المتغيّرات الإقليمية والدولية القادمة، وتحوّله إلى دولة نفطية وغازية في المستقبل”.