يبقى الثابت أن قرار “اللاقرار” الذي انتهى إليه المجلس الدستوري فيما خص الطعن المقدم من التيار الوطني الحر على قانون الانتخابات النيابية هو سابقة تحصل للمرة الأولى وتتطلب، لا بل تستدعي التوقف عندها ومناقشتها من الزاوية القانونية والدستورية، سيما وأن هذا الإجراء قد رتب نتائج قانونية فرضت نفسها وتحتاج إلى متابعة من السلطات المعنية.
وفي هذا السياق، رأى الخبير الدستوري والقانوني ووزير الداخلية الاسبق زياد بارود أن هناك عدداً من الملاحظات التي يمكن أن تسجل على هذه الخطوة “القرار” التي ادت إلى نتائج قانونية واضحة.
وأوضح عبر”نداء الوطن” أن القرار أو اللاقرار هو بمثابة قرار لأن المادة 21 من قانون تنظيم عمل المجلس الدستوري تتحدث عن أنه عند إنقضاء مهلة الـ15 يوماً من أول جلسة مذاكرة يعقدها المجلس ولم يصدر القرار، يعتبر النص موضوع المراجعة مقبولاً، وبمعنى آخر وكأن المجلس الدستوري رد الطعن وهو يؤدي إلى سريان مفعول القانون المطعون به.
مالك: رأى الخبير القانوني والدستوري سعيد مالك ان تعذر وصول المجلس الدستوري الى اتخاذ قرار بشأن الطعن المقدم من تكتل لبنان القوي، يعني ان قانون الانتخاب بات محصنا، ولا نقول «ساري المفعول»، لأن المجلس الدستوري لم يوقفه أساسا، وبالتالي أصبح بإمكان السلطة الإجرائية، ان تحدد موعد الانتخابات النيابية دون تردد، ومن المنتظر راهنا، على رئيس المجلس الدستوري، عملا بأحكام الفقرة 2 من المادة 37 من النظام الداخلي الصادر بالقانون 243/2000، تنظيم محضر بالوقائع، يعرض فيه مجريات ما حصل، وبأن المجلس الدستوري اخفق في اصدار قراره سلبا ام ايجابا، على ان يبلغ هذا القرار، من رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، وبذلك يكون المجلس الدستوري، قد اسدل الستار على الطعن، وتكون الكرة قد انتقلت الى ملعب الحكومة للدعوة الى الانتخابات والقيام بما يلزم.
ولفت مالك في تصريح لـ «الأنباء» الكويتية، الى ان ما حصل هو انتصار للمجلس الدستوري، وليس سقطة كما سماه رئيسه القاضي طنوس مشلب، لأنه بذلك ابعد المجلس نفسه عن الصفقات، وأكد على صدقيته وشفافيته واستقامته، ما يعني من وجهة نظر مالك انه بعدم وصول المجلس الدستوري الى قرار، انتصر فريقان اساسيان في معركة الطعن، الأول هو المجلس الدستوري الذي ابقى على استقلاليته وعدم تأثره بالمقايضات التي كانت جارية عشية انعقاده، والثاني هو المغترب اللبناني الذي سيعود ويقترع في الانتخابات المقبلة ضمن الدوائر الخمس عشرة، باستثناء الدائرة السادسة عشرة التي هي بالأساس لا تسمن ولا تغني عن جوع.
وردا على سؤال، أكد مالك ان كلام رئيس المجلس الدستوري، بأن عدم صدور قرار بشأن الطعن، يعني تأجيل الانتخابات في الدائرة 16 الى العام 2026، هو تفسير دستوري سليم وصحيح ولا غبار عليه، وذلك لان القانون 8/2021 موضوع الطعن، قد اطلق العمل بالمواد المتعلقة باقتراع المغتربين، وعندما نقول تعليق العمل لدورة العام 2022، فان هذه المواد لاتزال حتى تاريخه موجودة في القانون الأساسي 44/2017، وبالتالي فان المعركة اللاحقة التي على المجلس النيابي الجديد ان يخوضها، هي معركة تعديل القانون الأساسي المشار اليه أعلاه، وبالتالي الغاء تلك المواد بشكل كامل، لأنها مخالفة لأحكام الدستور لاسيما لنص المادة 24 منه.
وعما اذا كان انتصار المجلس الدستوري لنفسه، سينسحب لاحقا على السلطة القضائية، فتحرر نفسها من الضغوط السياسية وتنتصر للمحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، اكد مالك وجود انتفاضة حقيقية من قبل الجسم القضائي، الذي يرفض اي تدخل سياسي في عمله، وهو ما اكدته قرارات مجلس القضاء الأعلى رئيسا وأعضاء، وكذلك قرارات محاكم الاستئناف وغرف التمييز، حيث شهدنا العديد من الاحكام التي ذهبت باتجاه نصرة القاضي بيطار، معتبرا بالتالي ان من انتصر للقاضي بيطار ومن خلفه شهداء 8 أب 2020، ينتصر اليوم للمغتربين والحق والعدالة، مؤكدا بالتالي انه لا خوف على لبنان ما دام فيه قضاة متميزون من خامة الرئيس سهيل عبود ومن جودة القضاءين العدلي والدستوري.
مرقص: من جهة ثانية، وحول مصير المهل الانتخابية بعد لا قرار “الدستوري”، لفت رئيس مؤسسة جوستيسيا الخبير القانوني بول مرقص عبر “الانباء” الالكترونية الى ان التعديلات التي أجريت من قبل مجلس النواب على قانون الانتخابات حشرت جداً هذه المهل، فالمادة 34 من القانون أتت لتضع المواطن اللبناني أمام مهلة تبدأ في الخامس عشر من الجاري وتنتهي في الاول من كانون الثاني ومنحته مدة عشرة أيام لتصحيح لوائح الشطب، سائلاً: “في حال ورد أي خطا بالاسم أو سقط سهوا هل يمكنهم ذلك؟ طبعا لا لأنهم بعد انقضاء أول الشهر لا يمكنهم تصحيح شيء، فالمهلة قصيرة والتصحيح يتطلب اخراجات قيد وسجل عدلي جديد، فمن القادر على القيام بكل ذلك؟”.
وأضاف مرقص: “أعتقد ان المجلس النيابي حشر هذه المهل وكذلك بالنسبة لسائر المهل الاخرى من ترشيح واقفال باب الترشيح والرجوع عنه وقد زادها المشترع بهذا الاتجاه على اعتقاده ان الانتخابات ستجري في 27 اذار، بينما لم يتأكد ذلك، وعلى هذا الاساس جرى تركيب المهل على اعتبار ان الانتخابات ستجري وفق التوصية النيابية”.
وعن امكانية ان يحدد وزير الداخلية الانتخابات في أيار المقبل، رأى مرقص ان هذا الامر يتطلب موافقة رئيسي الجمهورية والحكومة على القرار “فالتقدير يعود اليه لكن القرار يتطلب توقيع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ويصدر بمرسوم عادي من دون الحاجة لمجلس الوزراء”.
مرقص رجّح اجراء الانتخابات النيابية في موعدها ما لم يطرأ حدثا كبيرا واستثنائيا جدا يفرض تأجيلها، مشيرا الى ضغط دولي كبير يصر على اجرائها في موعدها.