لعبة الشطرنج هي لعبة استراتيجيّة يهواها المحترفون بتواضع ويحترفها الهواة بغرور قاتل ومصير قاتم.
رقعة لبنان شبيهة إلى حدّ بعيد برقعة الشّطرنج، فاللاعبان الأساسيّان حشدا قطعهما وبدأت اللعبة ومهما طالت، قلعة واحدة ستصمد وملك واحد سينتصر.
المعركة الحاسمة الأخيرة هي الإنتخابات النّيابية، فهي آخر حجر عثرة أمام الخصم ليسقط القلعة الوطنية ويأسر الملك “لبنان” ويخضع الشعب للوصاية بقوّة العنجهية والإستكبار.
وكل ملمّ في اللعبة، يعرف تمامًا بأن “الوزير” هو القطعة الأهم، فهو يدير شؤون الملك ومن خلاله يسيطر على “القلعة”.
ومن فنون “الوزير الملك” اللعب الخبيث والتحايل على القوانين والدستور. وآخر فصول الخبث، في معركة الإنتخابات الحاسمة، هو الطعن أمام المجلس الدستوري، بهدف تطيير المعركة والهروب إلى الأمام.
والسيناريوهات كثير ومعقّدة، وأهمها اللعب على الوقت، تنتهي ولاية المجلس الحالي في ٢١ أيار ٢٠٢٢ والإصرار هنا على تأخير موعد الإنتخابات إلى ١٥ أيار، ما هو إلا محاولة لتطييرها، ففي بلدٍ تحكمه مليشيا تستطيع بقوة السلاح إثارة الفوضى حين تتأكد من خسارتها، كما حصل في انتخابات أطباء الأسنان، وهي قادرة على اختلاق حدث أمني في يوم الإقتراع في أواخر المهلة الدستورية وتتسبّب بإلغائها، ومع انتهاء ولاية المجلس في ٢٢ أيار، ونصبح تحت مطرقة الأمر الواقع “التّمديد”، أو “الفراغ”، ومن هنا نضحت عبارة “لن أترك البلد للفراغ”، أو “إذا مددولي ببقى”.
ومن السيناريوهات المطروحة أيضًا، استخدام حجة اقتراع المغتربين للعرقلة والتأجيل، فإذا قبل المجلس الدستوري الطعن المقدّم، لن تكون ضربة قاضية على مشاركة المغتربين في اختيارهم لنوابهم ١٢٨ فحسب، بل سندخل في معضلة كيفية وآلية تقسيمهم على ٦ نواب ضمن القارات الست لتمثيلهم، ومع ألغام الطائفية ودهاليز المواكبة التقنية والمادية، ونكون دخلنا في دوامة لا تنتهي من التجاذبات، مما يفرض حكمًا تأجيل الإنتخابات أو حتى تطييرها. وهنا أيضًا ستدبّ روح الشهامة فيهم “ولن يتركوا البلد للفراغ”.
“للوزير الملك” أساليب وخدع بصرية ونظرية لا يقوى عليها سوى العقلاء.
فالعقل يقول بأن الإنتخابات حاصلة مهما تأخرت، فبعد الفوضى سيستتبّ الهدوء والإستقرار وستحصل.
وبعد المماطلة واللعب على القوانين، سيأتي الحل القانوني والدستوري وستحصل.
وإما خياراتٌ أخرى بأيدي اللبنانيين المتعطشين للتغيير، والتي أهونها سيكون مرّا، وسيفرض الشعب ولو بالقوة بأنه هو مصدر السلطات، وهنا بحث آخر.
في هذه الحرب الضروس في معركة الوزير الأخيرة ومهما حشد من أرتال ومرتزقة لدعمه وطعونٍ غب الطلب، تبقى القوانين أقوى والاستحقاقات الدستورية ثابتة.
وستأتي الساعة ليصرخ اللبنانيون “كش وزير والملك”.