قد لا تكون المرة الأولى التي يرفع فيها أمين عام حزب الله حسن نصرالله سقف الكلام مهددا بالويل والثبور. إلا أن كلامه لم يعد يمر مرور الكرام وهذا ما أبرزته المواقف العالية السقف لكل من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على خلفية غزوة الطيونة -عين الرمانة ومطالبة الثنائي الشيعي برأس القوات وحل الحزب وصولا إلى تجميد جلسات الحكومة وربط عودتها بـ”قبع” المحقق العدلي في جريمة تفجير المرفأ طارق البيطار.
وليس خافيا أن حزب الله الذي كسر كل المحظورات في إطلالتين متتاليتين رفع في المقابل من سقف المواقف لدى كل القوى السيادية بحيث بدأ يتردد صداها على مساحة الوطن وخارجه. والمستجد فيها، إضافة إلى توجيه الاتهام المباشر لحزب الله بالسعي للسيطرة الكاملة على لبنان وتحويله إلى منصة صواريخ إيرانية وساحة تصفية حسابات تزج بلبنان في الصراعات الإقليمية، الإعتراف بأن إيران تحتل لبنان من خلال ذراعه المتمثل بحزب الله.
المواجهة انطلقت. لكن ليس بجر القوى السيادية إلى حرب أهلية، إنما من خلال موقف جامع بوضع طوق اعتراضي عالي اللهجة والتلاقي كمجموعات سيادية لرسم خارطة طريق لتكوين جبهة سياسية معارضة تضم كل الأحزاب والقوى التي تلتقي على ضرورة تحرير لبنان من الهيمنة الإيرانية واستعادة سيادته.
مبادرة تلاق قام بها اللواء أشرف ريفي إلى معراب، ومن هناك وجه دعوة لكل القوى السيادية لمواجهة مخطط وضع اليد على ما تبقى من مواقع وقوى تقاوم وصاية إيران وأكد على “التضامن مع القوات اللبنانية، وإكمال المواجهة يداً بيد للإحتلال الايراني وادواته”. فهل بدأت خطوة الألف ميل لمواجهة الإحتلال الإيراني وفق قواعد جديدة خصوصا أن لا أحد مستثنى من عظات نصرالله التي هي مزيج من التهديد وتذويب لبنان لمصلحة إيران والجميع معني بمواجهة السلوك الناتج عن فائض العنف الذي يمارس بحق اللبنانيين والدولة والمؤسسات؟
بالنسبة إلى اللواء أشرف ريفي المسألة أبعد ما تكون من إعادة إحياء قوى أو جبهات ويقول لـ”المركزية” :”مما لا شك فيه أن المرحلة تتطلب تضافر كل الجهود والتخلي عن اختلافاتنا لمواجهة التحديات”. ويضيف” أتفهم خصوصيات كل فريق إنما المرحلة لا تسمح بالتوقف عند هذه الإختلافات. على العكس المطلوب التلاقي على قواسم جوهرية ووطنية مشتركة بعيدا من كل الضغوطات والإختلافات والإلتقاء لتشكيل جبهة لتحرير لبنان من الإحتلال الإيراني. كل القوى السيادية جاهزة للترفع عن الخصوصيات ومتفهمة لدقة وخطورة المرحلة مما يشجعنا على تشكيل جبهة سيادية مع احترامنا لخصوصيات كل فريق. ونتمنى أن نكون على مستوى آمال الشعب الذي ينشد الحرية والعيش بكرامة”.
وفي حين يخشى البعض من أن تشكل هذه الجبهة إعادة إحياء تحالفات 8 و14 آذار وتحريك آلة الإغتيالات السياسية لتصفية التحالف السيادي في وقت عجزت فيه الدولة والمجتمع الدولي آنذاك عن حماية هذه الجبهة، ما تسبب بانهيارها لاحقاً، والتاريخ يشهد على ذلك، يؤكد ريفي” أن الجبهة السيادية ستضم حصرا الوطنيين والسياديين والنزهاء. حتى قوى الثورة التي سيتم التعاون والتواصل معها لن تكون إلا من ضمن هذه المعايير”. وكشف ” أن الجبهة لن تكون واحدة إنما مجموعات متفرقة تضم أحزابا وشخصيات سيادية ومجموعات من الثورة وسيُعمل على ربط القواسم المشتركة من خلال لقاءات”. واعتبر أن “الإنتقال من مرحلة المجموعات المنفصلة إلى مجموعات موحدةعلى قواسم مشتركة يؤشر إيجابا للوصول إما إلى جبهة سيادية أو التواصل على مبادئ سيادية ووطنية”.
لا يخفي ريفي استبعاد التواصل مع تيار المستقبل “لأن القيادة غائبة والتيار يتخبط بأزمات” لكن الأمر يختلف بالنسبة إلى الرئيس فؤاد السنيورة” فهو رجل وطني ولا أستبعد ان يكون على نفس الخط السيادي والوطني وهذا الأمر ينسحب على كل من له دفع في هذا الإتجاه. في النهاية لا أحد يريد ان يصنع من نفسه نجما في هذا المسعى ولا حصرية في القوى التي سنتواصل معها لأن الهدف خلق حالة وطنية وليس طائفية وستشمل حتى الشيعة الأحرار وهناك تواصل معهم”.
وبعيدا من المقارنة، يختم ريفي” تجربة 14 آذار لم تفشل لأنها حققت خروج الإحتلال السوري في لبنان، إلا أنها أخفقت في تحقيق مشروع بناء دولة سيدة ومستقلة. حتى ثورة 17 تشرين التي تعتبر متقدمة على 14 آذار لم تحقق الأهداف المنشودة كما الحال في كل ثورات العالم. والجبهة التي نعمل عليها ليست استنساخا لفريق 14 آذار إنما نكمل من حيث أخفق الآخرون”.