كما في كل شيء، تسود الفوضى سوق تركيب ألواح الطاقة الشمسية التي تشهد إقبالاً هائلاً في ظل انقطاع الكهرباء. و«الدولة»، كالعادة، تتدخّل متأخّرة لـ«التنظيم». قوى الأمن بدأت منع «مخالفات» تركيب هذه الألواح بحجة الحاجة إلى ترخيص من وزارة الداخلية، فيما تغيب بقية الوزارات عن تنظيم هذه العملية وغربلة الشركات العاملة في هذا المجال من الدخلاء على هذه «المصلحة»
«استعمال الشمس» ممنوع. قائد الدرك العميد مروان سليلاتي أصدر، قبل أيام، تعميماً طلب فيه من قادة المناطق الإقليمية في قوى الأمن الداخلي التشدّد في قمع مخالفات تركيب ألواح الطاقة الشمسية. التعميم تضمّن ما حرفيته: «يرد إلى القيادة العديد من المخالفات لجهة تركيب لوازم الطاقة الشمسية وتشييد خيم حديدية لهذه الغاية من دون موافقة وزارة الداخلية والبلديات أو المديرية العامة للتنظيم المدني»، وذلك بناءً على كتاب وجّهته وزارة الطاقة والمياه في آذار ٢٠١٩ إلى وزارة الداخلية والبلديات «حول تركيب ألواح طاقة شمسية لتوليد الكهرباء للاستخدامات المنزلية والخاصة»، وأشار الى أن الصلاحية في هذا الأمر تعود إلى «المركز اللبناني لحفظ الطاقة» الذي «يُبدي رأيه بالموافقة على اعتماد الطاقة الشمسية لتوليد الطاقة الكهربائية»، فيما «يعود للأجهزة المختصّة النظر في الموافقة الفنية والهندسية».
ورغم أن المعايير «الفنية والهندسية» المتعلقة بتركيب «خيم حديدية» ليست من صلاحيات قوى الأمن الداخلي، طلب تعميم قائد الدرك «التقيّد بكتاب وزارة الداخلية والبلديات رقم ٢٠٦٠٣ تاريخ ٢٥/١٠/٢٠١٩ بشأن تنفيذ الهيكل الحديدي لوضع المعدات اللازمة لتوليد الطاقة الشمسية». وبالفعل، بدأت القوى الأمنية وبعض البلديات تنفيذ التعميم بمنع تركيب ألواح الطاقة الشمسية حتى ولو لم تكن هناك خيمة حديدية من أساسه. وباشر عناصر قوى الأمن برفع كتب معلومات إلى الفصائل للإبلاغ عن «مخالفات» مواطنين والتدخّل لمنعهم من عملية تركيب ألواح الطاقة الشمسية، في ظل انقطاع شبه تام للكهرباء، وسعي كثيرين إلى البحث عن مصادر بديلة للطاقة.
وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي أوضح لـ«الأخبار» أن شكاوى عديدة سُجّلت عن شجارات بين جيران على أفضلية تركيب ألواح الطاقة على أسطح المباني، مشيراً الى أنّ وزارة الداخلية تمنح تراخيص لتركيب ألواح الطاقة، «وأمس فقط وقّعت 33 طلب ترخيص». وأشار إلى «أننا نسعى إلى تنظيم الأمر حرصاً على السلامة العامة، وهناك تنسيق في هذا الشأن مع وزارة الطاقة لوضع آلية لتنظيم عملية تركيب ألواح الطاقة بطريقة سليمة».مو
مصادر مطّلعة ربطت حظر تركيب الألواح بمسألتين: الأولى تتعلق بالسلامة العامة لجهة تثبيت الألواح على الأسطح مع مراعاة شروط السلامة، والثانية الضرر الذي يمكن أن يلحق بشبكة شركة كهرباء لبنان خصوصاً أنّ القانون يمنع أياً كان من إنتاج الطاقة على الشبكة سوى الدولة اللبنانية. وتوضح المصادر أن الهجمة على تركيب ألواح الطاقة شجّعت كثيرين من غير الخبراء على دخول هذا الـ«بيزنس» من دون مراعاة شروط السلامة العامة. فعلى سبيل المثال، هناك على من يرغب بتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية تركيب «عدّاد ذكي» (smart meter) ومحوّل طاقة (invertor) ضمن مواصفات محددة حتى لا تتسبّب الطاقة المولّدة من المنازل عشوائياً بالإضرار بشبكة الكهرباء، بسبب الذبذبات التي تنتج عن الكم الكبير من محوّلات الطاقة المستحدثة. كما ينبغي مراعاة تركيب عدّادات ذات جودة عالية للحرص على فصل كهرباء الطاقة الشمسية المولَّدة عن شبكة كهرباء الدولة في الوقت المناسب، ناهيك عن «الخطر المتمثّل ببطاريات الليثيوم التي تحتاج إلى عناية خاصة حتى لا تتحوّل إلى قنابل موقوتة في البيوت يمكن أن تنفجر في أي لحظة». وبالتالي، فإن غياب آلية تنظيمية لتركيب ألواح الطاقة «قد يتسبّب بكارثة إن لم تراعَ شروط الجودة حرصاً على السلامة العامة». وهذا يفرض على الدولة إحصاء كميات ألواح الطاقة الموزّعة على الأراضي اللبنانية خصوصاً أنّ «هذه الألواح الموزّعة في أماكن عدة تماثل بمجموعها محطة كهرباء ضخمة». إلا أن هذا يطرح، من جهة أخرى، ضرورة أن تعمل الوزارات المختصّة سريعاً على غربلة الشركات العاملة في هذا المجال، والحرص على حصر العمل بشركات مرخّصة وبإشراف مهندسين وخبراء، أولاً لأن هناك حاجة ماسّة إلى هذه «الخدمة» في ظل الظروف الحالية، وثانياً لأن استخدام الطاقة المتجدّدة أمر يجب أن تشجع عليه الدولة في ظل إفلاسها وعدم قدرتها على توفير الكهرباء.