تستمر أسعار المعجنات والفطائر بالارتفاع يوماً بعد يوم، ما يقلّص عدد الزبائن إلى حد بات يهدد قدرة الأفران على الصمود. هذا في وقت حذّر نائب رئيس اتحاد أصحاب المخابز والأفران علي ابراهيم من الأسوأ، إذ سأل في حديث إلى «الأخبار»: «في حال رفع الدعم عن القمح كلياً، وتسعيره وفق سعر صرف الدولار في السوق السوداء، فأين سيصبح سعر ربطة الخبز؟»
من جهتها، تشكو لورنزا زغيب من «الدوامة» التي تعيش فيها بسبب الدولار. في الواقع، تشير السيدة التي تملك مع شريكات لها فرناً في عمشيت في قضاء جبيل، إلى أن «المواد التي تدخل في صناعة الفطائر والمعجّنات متوفرة بشكل عام، ولكن أسعارها اختلفت عن السابق، وأبرزها الحليب والأجبان والألبان، عدا عن قارورة الغاز المستخدمة تحديداً في الأفران، والتي أصبح سعرها اليوم مضاعفاً ووصل إلى 800 ألف ليرة».
ورغم أن أوراق «السندويش» لا تندرج ضمن مكونات المناقيش وغيرها، ولكنها ضرورية في عملية البيع. وهنا تلفت زغيب إلى أن سعر الحزمة منها بلغ، مع ارتفاع سعر الصرف، 80 ألف ليرة بعدما كان بـ7 آلاف ليرة في السابق.
وعلى غرار سائر أصحاب المهن والتجار، تُبرّر زغيب رفع أسعار منتجاتها بالقول: «نصبح مجبرين على رفع الأسعار بشكل طفيف، وبما يتناسب مع حاجتنا إلى تأمين المواد اللازمة في عملنا من أجل الاستمرار».
واللافت أنه بالرغم من الشكوى العارمة من الغلاء، تحسّنت مبيعات فرن زغيب هذا العام بالمقارنة مع العام الماضي، بفضل المغتربين والسياح على وجه الخصوص.
ووفقاً للائحة الأسعار المستجدة للمعجنات، يبرز ارتفاع سعر البيتزا أيضاً إلى جانب المناقيش. وبالنسبة إلى نجيبة، كانت المعجّنات والبيتزا البديل الأوفر والأسرع من تحضير المأكولات في المنزل. وبالرغم من أن جائحة «كورونا» بدّلت المعايير ودفعتها إلى تحضير البيتزا بنفسها بدلاً من طلبها من الفرن، إلا أنه حتى في تلك المرحلة غير البعيدة، كانت الأسعار مقبولة.
وفي السياق تؤكد نجيبة: «ما سبّبته أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار من ارتفاع في أسعار المواد الغذائية اليوم، أجبرني على استبدال شراء المعجّنات بالطبخ. فعلى سبيل المثال، وصل سعر البيتزا المتوسطة الحجم إلى ما يقرب من 70 ألف ليرة».
وحتى العائلات التي كانت تحظى ببعض الدعم من الأيادي البيضاء، والذي يشمل المعجّنات، باتت اليوم تحصل فقط على ما يُقّدم لها من مواد غذائية أساسية. وهو ما تؤكده نجيبة في كلامها، لافتةً أيضاً إلى أن «الأخوية التي تترأسها، والتي كانت تؤمّن من خلال أيادٍ بيضاء 50 رغيف خبز، لتوزع على العائلات التي تحتاج إلى المساعدة، لم تعد اليوم قادرة على تأمين هذه الكمية بسبب بلوغ سعر الربطة الواحدة 4 آلاف وخمسمئة ليرة».
ولا يختلف الوضع بالنسبة إلى ياسمينا، العاملة الأجنبية التي لم تعُد تقصد الفرن أبداً منذ ارتفاع الأسعار، مشيرةً إلى أنها تفضّل شراء الخضار والخبز، عوض إنفاق ما تجنيه على شراء المعجّنات.