أصدرت الدائرة الإعلامية في حزب “القوات اللبنانية” البيان الآتي: “تأسف الدائرة الإعلامية في حزب “القوات اللبنانية” لما اثاره الرئيس سعد الحريري ليل امس في برنامج “صار الوقت” الذي يقدمه الأستاذ مارسيل غانم عبر محطة “MTV” لما فيه من مغالطات للحقائق وتشويه للوقائع. وانطلاقا من حرصها على تأكيد الحقائق وسرد الوقائع منعا لأي التباس أو تشويه، توضح ما يلي:
أولا، المحطات التي تعطل فيها عمل الحكومة لم تكن مرتبطة بالخلافات السياسية بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” كما حاول ان يوحي الرئيس الحريري، لأن هذه الخلافات كانت تقنية حول ملفات كان في طليعتها ملف الكهرباء، ولم يكن الاعتراض محصورا بـ”القوات”، أما التعطيل والتأخير الفعلي فمرده إلى عاملين أساسيين:
العامل الأول وقوف الرئيس الحريري جنبا إلى جنب مع الوزير جبران باسيل برفض إجراء مناقصة الكهرباء عبر إدارة المناقصات، وإصرارهما على حل البواخر، الأمر الذي أدى إلى اعتراض عدة أفرقاء، وشكل مادة خلافية كبرى على طاولة مجلس الوزراء، والتي عاد الرئيس الحريري بنفسه وتطرق الى مشكلة الكهرباء والعجز الذي تسببت به بعد استقالته من الحكومة.
العامل الثاني التعطيل المتعمد الذي مارسه الفريق الآخر إبان مرحلة تصريف الأعمال الطويلة بعد الانتخابات النيابية عام 2018 بسبب إصراره على حكومة وفق شروطه ومصالحه، وبدلا من ان يتمسك الحريري بتشكيل حكومة بالمواصفات المطلوبة، لجأ كعادته إلى أسلوب تدوير الزوايا والتنازلات التي نسفت جوهر الحكومة، وهذا أحد أسباب الانهيار الحاصل.
ثانيا، نذكر الرئيس الحريري بأن “اتفاق معراب” وبإصرار من “القوات”، تضمن في ما تضمن ان يسمي الطرفان (القوات والتيار) سعد الحريري (الأكثر تمثيلا لدى طائفته) لرئاسة الحكومة من دون سواه، والحريري يعرف ذلك من قيادة القوات خير المعرفة.
ثالثا، لا اتفاق محاصصة بين “القوات” و”التيار” من تحت الطاولة كما أوحى الرئيس الحريري، وما ورد في البند “زاي” من الاتفاق واضح تماما لجهة تسمية الكفاءات على أساس آلية واضحة المعالم، هذه الآلية بالذات التي لم يتبناها الحريري وقاتلت “القوات” من أجلها إيمانا منها بأن الإدارة لا تستقيم بالمحاصصة والزبائنية والاستزلام، والخلاف بين “القوات” و”التيار الحر” الذي يحمله الحريري أكثر مما يحتمل كان الحري به مناصرة “القوات” في هذا الخلاف لا سواها، لأن المواضيع الخلافية لم تكن من طبيعة شخصية، إنما تتعلق بمصالح الناس المباشرة، وهذه المواقف القواتية كانت الثورة البيضاء والدستورية التي سبقت الثورة، سواء من الكهرباء الى بواخر النصب الى الماء والاتصالات والموازنات المتتالية وسواها الكثير. ولو فعلها الحريري لكانت بالتأكيد مشاكل كثيرة قد حلت وما احتاج وزراء القوات الى الاستقالة ربما، ولا احتاج الشعب بعدها ان يثور.
رابعا، لم تتخذ “القوات اللبنانية” قرار ترشيح العماد ميشال عون إلا بعد قيام الحريري، وتحت ستار الفراغ “وام الصبي” والحرص على الاستقرار، بالاتفاق مع الرئيس بري والنائب جنبلاط على ترشيح مرشح من 8 آذار، واصبح مؤكدا وصول رئيس من 8 آذار، عندها رأت القوات في هذه الحالة انه من الأفضل ترشيح عون لأنه الأكثر تمثيلا في فريق 8 آذار.
خامسا، إن عدم تكليف “القوات اللبنانية” للرئيس الحريري ينطلق أولا من رفض الأكثرية الشعبية بعد انتفاضة 17 تشرين الأول لمن كانوا في السلطة جميعهم قبل ذلك التاريخ، وثانيا من رؤيتها الإنقاذية للبلد بتشكيل حكومة مستقلة تماما عن القوى السياسية كلها من دون استثناء انطلاقا من الفشل الذي كان حاصلا، كما ان طبيعة المرحلة الاستثنائية تستدعي تشكيل حكومة مختلفة كليا عما سبقها، بدءا من رئيسها إلى أعضائها وبرنامج عملها.
وبالمناسبة، إن تمسك الثنائي الشيعي بتكليف الرئيس الحريري حصرا يستدعي من الحريري ان يسأل نفسه عن خلفية هذا التمسك.
سادسا، كان الحري بالرئيس الحريري أن يركز على الطرف الذي عطل المبادرة الفرنسية ويحول دون قيام الدولة منذ العام 2005 إلى اليوم، كما كان حريا به أن يضع نصب عينيه أولوية تشكيل حكومة إنقاذ تفرمل الانهيار، بدلا من إلقاء التهم جزافا على القوات اللبنانية.
سابعا، كانت ” القوات اللبنانية” تتمنى على الرئيس الحريري ان يتذكر نقاط الالتقاء الكثيرة والكبيرة جدا في الطروحات السياسية بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل، وأن يصرف وقته في الإعلام مسلطا الضوء على أساس ولب المشكلة في لبنان والتي أوصلت البلاد الى ما وصلت اليه، بدل التلهي بترهات متجزأة على هامش اصل المشكلة، لا تقدم، لا بل انها تؤخر، لأنها تضرب آخر مثلث أمل متبق للبنانيين”.
وختم البيان: “في الأحوال كافة، فإن القوات اللبنانية ستستمر في العمل على هذا الأساس، ولن تدخل في مماحكات سياسية لا طائل منها ولا فائدة، وما هذا البيان إلا مجرد توضيح لبعض الوقائع خدمة للحقيقة”.